فيصل علي
بالأمس في 16 فبراير بالتحديد اجتمعت وعدد من الأصدقاء بعد طول حجر وفراق، لأسباب تتعلق بإجراءات كورونا وما تركته من آثار على حركة الناس هنا في ماليزيا، كان الاجتماع عبارة عن احتفاء بتوقيع كتاب ” تدخل الإمارات في الشأن اليمني” وهو الإصدار الأول لمركز يمنيون للدراسات، وهو الإصدار الثاني بالنسبة لي-سبق وأن صدر لي كتيب في 2004م- لن أتحدث هنا عن الكتاب ” هنا ملخص وتحميل الكتاب ” ولا عن” الاحتفاء والتوقيع” مع أنه بدعة وتورته حسنة، خاصة أنه جاء مع فبراير شهرنا العظيم، في ذكرى ثورتنا التي يريد البعض تناسيها أو محوها من التاريخ، ممن لا يحترمون شعبهم ومجتمعهم وحراكه الثوري، ويتوهمون أنهم قادة المرحلة مع العلم أنها مرحلة التفاهة والانتهازية، وأنهم بإمكانهم إعادة التاريخ إلى الخلف.
لقد رتب الأصدقاء في فريق العمل بأن يكون هذا الحفل أيضاً في يوم يتزامن مع الذكرى الرابعة لإعلان يمنيون كفكرة ثقافية ومسار ثوري وخيراً فعلوا، ويزداد إيماني بهم وهذا ما يدعوني إلى أن أتحدث عن الأصدقاء الذين غمروني بفيض لطفهم، أتحدث هنا خارج نطاق الرسميات، ولا يهمني ما دونت في الكتاب مادام أنه قد أنتقل من ذمتي كباحث وكصحفي تعود على النشر، إلى ذمة الجمهور، فهو المالك الفعلي لما يصل إليه، لا أكتب لنفسي ولا للنُخب المزيفة، بل للجمهور الذي أحب.
في الغالب عند الكتابة أخوض جدلاً على عدة مستويات؛ بيني وبين أصدقائي، وبيني وبين الجمهور، وبيني وبين نفسي، ثم يكتمل النص ويخرج كما ينبغي للجمهور، وتمر مرحلة الكتابة بثلاث مراحل كل مرحلة تأخذ وقتها: مرحلة الفكرة وجدليتها أدون كل إجراءات هذه المرحلة في رأسي، تليها مرحلة كتابة الملاحظات في النوت، وأخر مرحلة هي مرحلة كتابة التقرير النهائي للنص أيّا كان حجمه أو شكله بحث أو دراسة أو مقال أو كتاب.
أصدقائي هم مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لي، هم من يحملون معي الفكرة لتصل للناس، بتعاونهم جميعاً تخرج الفكرة وتترسخ لدى الجمهور، والأصدقاء عدد من الأنساق: النسق الأول هم فريق عملنا في مركز يمنيون، ومع أن إمكانياتنا محدودة للغاية لأننا لا نتبع جهة بعينها، ولا نريد إلا أن نتبع فكرتنا التي يحملها اسم المركز فقط، لكن لدينا برنامج عمل دؤوب وصبر وهدف، نتعاون مع الآخرين من الأفراد والجهات بحسب ما يخدم فكرتنا الأصيلة وأهدفنا المُعلنة، ونتشارك مع غيرنا في حمل قضيتنا اليمنية، ولا ندعي التفرد أو السبق، ويأخذ كل منهم موقعه بكل هدوء وسرور حتى ننتج كل أعمالنا على نحو لائق.
النسق الثاني من الأصدقاء من يشاركونا في حمل الرسالة والفكرة، وهم معنا على الدوام، لا فرق بيننا وبينهم، وهم جزء لا يتجزأ منا على مستوى ترشيد الفكرة، والحضور والنقاشات المستمرة فردية كانت أو جماعية، ويمثلون لنا المرجعية الدائمة، وهم معنا في إبراز العمل وإظهاره للوجود، ويُمثلون لنا مدى وسياج من المحبة التي على ضوءها نواصل المسير.
والنسق الثالث من الأصدقاء هم جمهورنا العزيز الذي يتلقى الفكرة ويناقشها ويصحح المسار ويُعزز حضورنا ويصلنا بجماهير أخرى، وهم جزء منا ومن عملنا، فلأجلهم نعمل وبمعيتهم نستطيع تحمل تبعات المسير نحو هدفنا الأسمى.
هنا فقط أسجل أسمى آيات الشكر والعرفان لكل الأصدقاء الذين كان لهم الفضل الكبير في إنجاح حفل التوقيع، سواءً فريق العمل أو حضروا معنا في القاعة، أو من شاركونا عبر البث المباشر، وكذلك الشكر موصول لمن دعوناهم وغابوا لأسباب تخصهم، أو من تغيبوا لمخاوف شتى، ولهؤلاء أحب أن أقول ليس في الكتاب والدراسة استعداء لأحد، فهي تصف واقعاً مُراً تمر به بلدنا والمنطقة كلها، هي دراسة تعتمد المنهج الوصفي، وتحاول إيضاح ما خفي من الصورة، وتناقش أبعاد الصراع، ومخاطر محدقة بالجميع، وتشير في أكثر من موضع إلى ضرورة إعادة النظر في وضع التحالف القائم، وقبل كل ذلك وأهم من كل ذلك هي دراسة لإعادة التعريف باليمن؛ لمن نسي تعريفها، أو يريد أن يتناسى، أو يتهرب من معرفة أنه يمني مهما حاول عبر ذلك عبر الانتماء للطوائف والسلالات أو الانتماء الجهوي القروي أو بالتلبس بصيغ القُطرية المحدثة.
في هذا الجزء الاستراتيجي من العالم تاريخ مشترك وهوية وحضارة وثقافة وعادات وقيم ولغة وأساليب حياة مشتركة، وهناك عدو إيراني متربص مشترك، سبق أن أخذ موقعه في شمال الجزيرة العربية في العراق وكل بلاد الشام، وله تواجد في اليمن الطبيعي -الذي يشمل كل جنوب الجزيرة العربية، وأسميناه “اليمن الكبير” – له يد اسمها الحوثي -الهاشمية السياسية- وأياد في كل جزء من أجزاء هذه الخارطة، وله أياد وقوى ناعمة في كل الأنظمة التي تتوزع النفوذ فيها، وما حدث في الجمهورية اليمنية يمكن أن يحدث أو يتكرر في أي جزء آخر بلا استثناء.
الأمريكان يغادرون المنطقة، وربما يغادرون المشهد برمته، هناك عالم جديد يتشكل، وحروب قادمة، والحاجة مُلحة إلى تحالف فرضته الضرورة والواقع، وجوده سيوقف التوسع الإيراني عن حده، ليس بالضرورة بالنزال أو بالحرب بل بالتكتل وقوة الردع والجاهزية، والخروج من الصراعات العبثية تحت مسميات: يمين يسار، تسنن تشيع، سلفية إخوانية، صراعات عائلية أو إيغالا في القطرية، وما إليها من المسميات العدمية ومُخلفات القرون، هذا بعضاً مما حاولت شرحه وإيصاله لمن يهمهم الأمر في جنوب الجزيرة العربية، وهم على أقل تقدير يُناهزون مائة مليون عربي وليسوا مجموعة أفراد.
سنقول كلمة ونمضي، وسنمارس حقنا في الحرية إلى أقصي حدودها، ولن نتبخر أو ننقرض في موطن العرب الأزلي والأول مهما كانت التحديات، فنحن باقون وقومنا باقون، وشعبنا باقي، ومجتمعنا بتنوعه من الكويت إلى سقطرى ومن المنامة إلى تهامة باقي، وحدها الأيديولوجيات والطوائف والأنظمة من ستتغير، والأيام دُول كما علمنا التاريخ، فقط كيف نجمع كل الإمكانيات والقدرات وتوحيد الهدف في إطار ما هو مشترك، وما هو مشترك أكبر بكثير مما هو مُختَلف عليه من الهوامش.
مرة أخرى أرسل المحبة للأصدقاء أينما كانوا، وأعدهم أننا سنكون شركاء معاً على الدوام و #يمنيون_للابد.
