*علي الويناني
منذ تشكیل القبیلة الیمنیة في مارب خط الدفاع الأول عن مارب التاریخ والحضارة والدولة الیمنیة لأجل صد العدوان الحوثي المدعوم من إیران في نھایة 2014م. عرف الكثیر من الیمنیین طریق النزوح إلى مارب، خوفاً من الإرھاب الحوثي.. وإلى مارب انتقل معظم المدنیین المقیمین في مناطق سیطرة الحوثي، واغلب
النشطاء في مختلف المجالات الذین لم یغادروا الیمن، كانت مارب ھي الوجھة الأمنة لھم.
ھناك في مارب تشكل المجتمع الیمني الجدید من كل محافظات الجمھوریة الیمنیة، لأجل الحفاظ على الحیاة والمستقبل صنعت مارب المعجزة الیمنیة، مجتمع تخلى عن تقالیده القدیمة وبدأ یستوعب تقالید مرحلة جدیدة من النضال المدني والوطني، ویتقبل بقیة الیمنیین الذین تشبه ظروفھم ظروفه، بینما صنعاء تحتشد للحرب ظلت مارب تحتشد للتنمیة المستدامة، العمران.. البنیة التحتیة.. كلیات جامعة سبأ مدارس.. أسواق، الصحراء لم تعد موحشة فقد أتت إلیھا الحیاة.
معجزة مارب تتمثل في تشكل ھذا المجتمع الیمني الجدید، والذي مارس حیاتھ بشغف رغم ظروف الحرب والھجمات المستمرة من قبل الحوثیین بالصواریخ والطائرات المتفجرة وقطاع الطرق، في مارب أعاد المجتمع الیمني ھندسة نفسھ بنفسھ، أعراس جدیدة اختلطت فیھا الخیارات المحدودة في الزواج التي فرضھا المجتمع القدیم، ومن ھناك بدأ إنتاج المناضلین المدنیین لجیل جدید یتربى على النضال المدني وعلى مختلف اللھجات الیمنیة، لدینا جیل مناضل یتربى في مارب على معاني الحضارة والتاریخ والھویة الوطنیة والتعاون والتشارك وقیم المجتمع المدني.
في مارب الأمن والأمان والاستقرار والتنمیة ھي أساس عملیة التحول الذي تقوده المحافظة، لا منطقة یمنیة مثل مارب في ھذا المجال.. صناعة الاستقرار ھي الطریق الأمن والمضمون لصناعة السلام، الإیمان بقیم المدنیة ھي الموصلة لتنمیة مجتمعیة حقیقیة.
في مارب تولد الیمن الجدید، تولد "عنقاء یمنیة" برغم الحرب والدمار والحصار.. من مارب یعاد انتاج الیمن الكبیر، والذي شكل أعظم دولة في تاریخ الجزیرة العربیة یوماً ما.
* ملخص ورقة عمل شارك فيها الباحث علي الويناني المدير التنفيذي لمركز يمنيون للدراسات في المؤتمر الإنساني الأول “الدور الإنساني لمارب خلال الحرب”