عارياً في الغابة
طارق السكري

صهٍ ياحمير !
دعوني أنام
لقد هدني السهرُ وأنا أرمي حتى الفجرِ نافذة غيمة .
رجعتُ البيت ممتلأً بالشوك والفقر والسعال .
أقسم أني ركضتُ عارياً فقد سُرقت ثيابي بعد أن ضاجعتُ فتاةً في الغابة ! اطفئوا ضجيجَ الصالة وافعلوا خيرا ..
أنا متهدم , أنا جريح .
دعوني أكتب شعرا فأنا أكتب شعري مغمضا عيني
وأراسل كل الفتيات المناضلات دوما من عيني
وأخبئ أعلام الوحدة العربية في عيني أيضا .
هناك ثمة قافلة , فدعوني أنام !
الغربة اكتشاف , والعودة اختطاف !
الغربة حساب , والعودة خلود في النار !
الغربة خريف , والعودة برد قارس !
الغربة قارب مكسور , والعودة زلزال !
الغربة حصار والعودة مشروع انتحار
الغربة ومضة , والعودة مناطحة كباش !
هناك ثمة قافلة
إنَّ رقبتي توجعني !
صراخ اللبوة يكسر رأسي , ومرافقة الشعراء تملأ عيني بالجرأة والغرابة والغموض !
طوال الليل وعدنان الصائغ والماغوط وأدونيس ونازك والبياتي وبسيسو والحداد ، يمضغون أوراق القات , ويشعلون في أشجار القمر .
ننتظر الإذن لإعلان الحرب , وإسقاط الدولة , واحتلال العالم .
لقد مللنا ..
( حيثُ الوطنُ يبدأ من خطاب رئيس , وأغاني الرئيس , ومتاحف الرئيس … ومحظيات الرئيس , ومزارع الرئيس .. ) الصائغ
سخرنا
( ثم شروطي للإقامة في أي وطن أن تتغير حدوده يومياً وعلناً كثياب العرس أو الاستحمام …
وأن تدفن النفايات النووية بكل خشوع على الطريقة الإسلامية …
وأن يعاد الاعتبار لكل تلميذ أو طالب كان ترتيبه الأخير في صفه ..) الماغوط
ثرنا
( وجهُ مهيارَ نار
… هو ذا يرفض الإمامة
تاركا يأسه علامه
فوقَ وجهِ الفصول ) . أدونيس
قررنا
( نعود إذن في الطريق الطويل
… لأن الطريق طريق الرجوع
لأنا بلغنا نهاية درب الرواح
وأصبح لابد من أن نذوق الجراح
ونحن نسير ونقطع درب الرجوع
ونذرعه بالدموع . ) نازك
ضجرنا
( أبداً لأجلي لم يكن هذا النهار !
سأكونُ لا جدوى .. سأبقى دائماً من لا مكان
لا وجهَ , لا تاريخَ لي , من لا مكان .) البياتي
انفجرنا
( شمسٌ من الجراح قد تسمَّرت في الليلِ
فوقَ جبهةِ المحارب .
… هذا صياحُ الديك يوقظ الرصاصَ في البنادق
والرياح في الحرائق
وأوشك الصباحُ أن يمس راية المحارب ) . معين بسيسو
شَعَرْنَا
( أحسُّ حقيقةَ الإنسانِ يا أماه
شعورٌ في شراييني كدفقِ دماي
أحس به سيحييني
أحس بأنهُ معناي
فليس لثورتي حدٌّ إذا انفجرت ) الحداد .