اليمن دولة لا سلالة

اليمن دولة لا سلالة
1671 زيارة

فيصل علي

اليمن دولة لا سلالة

 

فيصل علي

 

“أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله ما لم أعلم” أبو بكر الصديق رضي الله عنه

لم يأت هذا الانقلاب من فراغ فعندما أفرغت الدولة من مضامينها كان هناك من يتحفز للانقلاب، ويريد عودة الماضي العفن والضلالة التي تبنتها السلالة المنحرفة. و من فوائد هذا الانقلاب إن كان هو عودة العقل اليمني للعمل بعد طول ركود وسبات طويل ناتج عن المصالحة اللاوطنية في سبعينات القرن الماضي، والعقل النائم لا يبني دولة ويرضى بالحاصل، فكان الحاصل دولة القبيلة والفساد والفيد والاحتواء والتي أنتجت السلالية من جديد.

في هذا البلد المثخن بالجراح المضرج بالدماء تبدو حاجتنا كشعب للدولة أكثر من حاجتنا للعرقيات والقوميات.. فاليمن دولة وليست عرق ولا نسل ولا سلالة، وهذا ما يقوله التاريخ وتؤيده الجغرافيا.

فالعرقيات والقوميات في زمن العولمة والسوق المفتوحة مجرد هذيان، هذا العالم الذي أصبح قرية صغيرة متنوعة متعددة لا يمكن أن يتشارك فيه مع المتعصبين، وفي هذه الرقعة من الأرض لسنا بحاجة إلى العرقيات والقوميات، حاجتنا لدولة المواطنة الضامنة لحياة كريمة للجميع.

إن اليمن الحضاري المتعدد المتنوع هو ما سيمكنا من الحضور في السوق العالمية فعهد القوميات ولى بلا رجعة، وأصبحت من مخلفات الماضي، السوق العالمية الجديدة ستمر من كل سواحل اليمن ومنافذه البحرية، فاليمن على موعد بالنهوض الحضاري والتجاري وتحتاج إلى الاستعداد للعودة إلى التحول من دولة جبلية إلى دولة بحرية ذات حضور عالمي بما تمتلكه من موانئ وسواحل ومنافذ بحرية.

اليمن أكبر من نزق الصبيان وأكبر من شبق السلالة وادعيائها وادعياء العرقيات، فهي دولة وحضارة منذ الأزل، على إمتداد من عشرة ألف سنة، ولذا لن يستطيع أحد إيقاف المشروع الحضاري اليمني.

عندما انقلب علينا المرتزقة ونهبوا مؤسساتنا وهدموا دولتنا رفعنا شعار يمنيون لا زيود ولا شوافع، وكنا بذلك نتخلص من وهم المذاهب الممزقة للأمة اليمنية، ومن الجهوية والقبلية التي اندرجت اسميا تحت المسميات المذهبية، واليوم نرفعها مدوية يمنيون لا سلالات ولا عرقيات.. “وكلكلم لآدم وآدم من تراب”.

وعندما أعلنا العداء الصريح للهاشمية السياسية كعدو للأمة اليمنية لم نقصد من قريب أو من بعيد عرقية معينة أو سلالة، فقط كنا نحاصر الفكر المنحرف المدعي للحق الإلهي والمنطق الابليسي “أنا خير منه”، كنا نرفض الدعاوى العنصرية السخيفة التي تميز إنسان على إنسان، والتي تمنح عرقية مزايا اقتصادية واجتماعية وسياسية ودينية.. لا خمس ولا تفضيل اجتماعي ولا حق إلهي في الحكم لاحد دون أحد ولا نسل للنبي الأمي الذي مات دون أن يخلف ذكرا يحمل اسمه، إن عدائنا لا يخرجنا عن عدالتنا وعن حقيقة المساواة بين البشر، لا فضل لذكر على أنثى ولا لأبيض على أسود ولا متدين على متدين أخر.. إنما هي مؤهلات وكفاءات دنيوية وأما التقوى فيلعلمها رب القلوب وحده لا شريك له.

اليمن بكل أبنائها بكل مكوناتها المجتمعية و بكل ثقافتها المحلية، بكل تنوعها الحضاري الذي يشكل لوحة اليمن الكبير، لا يمكن أن تكون عنصرية ولا عرقية ولا مذهبية ولا جهوية، اليمن أكبر من كل عوامل الصراع التي يراد من تأجيجها إيقاف مستقبل هذا البلد الطيب.

وكما قال مولانا في ابتهالاته: إلهي أنت العظيم فليس لنا إلاك يارب.. و شعبنا يعيش كل هذه الظروف السيئة بين من لم يحسنون التعامل معه، فنخبته النكبة هي من تمارس الانتهازية السياسية، وبالمقابل هناك الهاشمية السياسية التي تمارس الدجل والاستعلاء وسفك الدماء ليس لنا إلاك يارب، لمن تكل أمرنا وأنت تعلم بمصابنا، نسألك بأنك الواحد الأحد أن تلم شعثنا و توحد شعبنا و تنير طريق أمتنا اليمنية التي آمنت بك و وحدتك مع هود و صالح و تبع و ذو القرنين و موسى و سليمان و عيسى و محمد عليهم السلام، فلا تجعل أمرنا في يد الطوائف و أمرائها ولا تولي علينا نخبة مستمرة بالتجارة بقضيتنا، ولا تحملنا البقاء تحت وصاية أحد، و لا تحرمنا من حقنا في إقامة دولتنا على أرضنا، و اكفنا الأديان المزيفة و المذاهب الملوثة و الأيديولوجيات المستوردة، و امنحنا شرف خدمة أمتنا و إرساء السلام و المحبة على هذه الرقعة من الأرض بسواحلها وموانئها وبرها وسهلها وجبالها إنك على كل شيء قدير.

اقرأ هنا

اقرأ النص

شاركها:  

اشترك في نشرتنا ليصلك كل جديد

نعتني ببياناتك ونحترم خصوصيتك. للمزيد اقرأ  سياسة الخصوصية .

اقرأ ايضا