"التظاهر بالقضايا العادلة والنبيلة هو آخر ملاذ الأنذال" مع قضيتنا وضد الجميع

Published:
المشاهدات:
1383
مع قضيتنا وضد الجميع

يدخلوننا في مفاضلات بين الأعداء، وكأننا في سوق مفتوحة للعداوات المختارة. نحن مع قضيتنا، ومع فلسطين، وضد إسرائيل والحوثي وإيران وحزب الله. هم ضدنا، وأعداؤنا بلا فرق. لا يعنينا موقفهم من غزة، ولا موقف حماس منهم، ولو كانت تقاتلنا معهم لكنا ضدها بلا شك.

من الخبال استدعاء الولاء والبراء، والاندفاع مع الحماسة الخرقاء حد مطالبة القتيل بالاصطفاف مع قاتله

من الخبال استدعاء الولاء والبراء، والاندفاع مع الحماسة الخرقاء حد مطالبة القتيل بالاصطفاف مع قاتله. يريد الحوثي أن يهزمنا بتظاهره بدعم قضية فلسطين، وكما قيل: "التظاهر بالقضايا العادلة والنبيلة هو آخر ملاذ الأنذال". تحكمنا مصالحنا في هذا الصراع.

كان السنوسي يقود المقاومة الليبية ضد الطليان رفقة عمر المختار، وكانت بريطانيا في مصر تفتح لهم خطوط الإمداد من داخل الأراضي المصرية. وما إن دخلت دولة الخلافة العثمانية الحرب حليفة لألمانيا وإيطاليا، اتخذ السنوسي قرارًا أهوجًا وقاتلًا، إذ اختار الوقوف مع الدولة العثمانية بداعي العاطفة الدينية والولاء والبراء، وتورط في مهاجمة حاميات بريطانية على الحدود مع ليبيا، مما جعل البريطانيين يقطعون على قواته كل خطوط الإمداد.

 وكسب بذلك عدوًا إضافيًا، وحين اشتدت عليه الظروف خرج إلى مكة، تاركًا عمر المختار وحيدًا مكشوفًا في مواجهة غير متكافئة مع الإيطاليين والإنجليز كذلك، ضمن ظروف قاسية وحصار خانق وانقطاع للمؤن والسلاح، وهو ما أدى إلى خسارة الحرب ووقوع عمر المختار أسيرًا في أيدي الطليان، والحكم عليه بالإعدام شنقًا بعد عمر مديد من الكفاح المرير.

وفي بدء الصراع مع عصابات الاحتلال الصهيوني بفلسطين، وفي لحظات يأس وانسداد، اتجه أمين الحسيني، مفتي الديار الفلسطينية، صوب هتلر في ألمانيا، مدفوعًا بتقديراته لمصلحة قضية وطنه وشعبه في سياق صراع القوى الدولية وتباينات مصالحها في المنطقة.

ومن يقرأ في السياسة الخارجية لإيران في التاريخ المعاصر يجدها ذرائعية بامتياز، مؤسسة على مصالحها القومية. تحالفاتها وعلاقاتها ومواقفها محكومة بما تقرره تلك المصالح قبل كل شيء.

إيران اعتمدت سياسة خارجية تقوم على مبدأ الواقعية والذرائعية

عالم الاجتماع الفرنسي أوليفييه روا، في كتابه "عولمة الإسلام" في طبعته الأولى عام 2003، يرى أن إيران في حرب الخليج الثانية (1990-1991) لم تعق انتشار القوات الأمريكية في العراق ولا في الخليج، وأقلعت بالتالي عن مساندة حلفائها التقليديين الشيعة العراقيين في عام 1991، وشيعة البحرين في عام 1996، وبعض فصائل الأفغان في عام 1998. كما أنها دعمت الأرمن في القوقاز ضد جمهورية أذربيجان الشيعية، وتعاونت مع روسيا لوضع حد للحرب الأهلية في طاجيكستان في يونيو 1997. ثم اصطفت أثناء الحملة العسكرية على أفغانستان في 2001 إلى جانب روسيا والهند والولايات المتحدة، داعمة تحالف الشمال الأفغاني ضد طالبان. وعلى الرغم من نزاعها مع الإماراتيين حول جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى (التي احتلها الشاه عام 1971)، انضمت إلى السعودية وقطر. فضلاً عن ذلك، لم تسجل أي تدخل عسكري مباشر في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000، عدا دعمها السياسي لحزب الله والفلسطينيين.

ويضيف روا أن "طهران استنكرت بشدة هجمات 11 سبتمبر على لسان المرشد خامنئي والرئيس الإصلاحي خاتمي"، كما يرى كيف "سعت إيران للاستفادة من فشل اتفاقية أوسلو كي تتحول إلى قوة تفرض نفسها في الخليج العربي والشرق الأوسط في آن". ويقرر أن "إيران اعتمدت سياسة خارجية تقوم على مبدأ الواقعية والذرائعية".

نحن نخوض صراعًا واضحًا، نعرف فيه أعداءنا جيدًا، مهما تلفعوا بأغطية وأردية، ومهما رفعوا من رايات وادعاءات وشعارات. بيننا وبينهم وطن، وسيظلون هم العدو.

expanded image