عزام الكامل… خاص
أكد الدكتور فيصل علي ـ رئيس مركز يمنيون للدراسات على ضرورة الاستعداد للاستمرار في المقاومة على الدوام لكل ما يهدد مصالح الشعب اليمني، ووعلى ضرورة إنهاء حالات التشرذم والخنوع، ووضع حد لكل العبث الحاصل في اليمن.
وقال علي خلال محاضرة نظمها ـ منتدى الفكري اليمني في الهند ـ عبر تطبيق ( Zoom) المقاومة مسألة مرتبطة بالحياة تعززها التربية وتصقلها التجارب، الوقوع في الخطأ مرة يستدعي عدم الوقوع مرة أخرى فيه، وتجنب الوقوع في الخطأ عن طريق التعلم يعد مقاومة ففي كل الأديان والملل والشرائع والقوانين هناك ما يشرع لوجود الدفاع الذاتي، الدفاع عن النفس وعن الدولة والوطن وعن الحق العام والخاص، طالما سمعنا هذه العبارة “المقاومة حق مشروع” وهي عبارة صحيحة، كيف نحولها إلى إجراءات ذاتية تبدأ من التفكير بحق الأمة والشعب في الحياة وبحق الشعب في بناء دولته التي تليق به وحقه بكل فئاته ومكوناته في التمثيل والمشاركة في السلطة والمعارضة، كيف نحول كل ذلك إلى سلوك وأداء، بدلاً من حفظ العبارات المدبجة والفخمة؟ لا أحد سيمنحك الحق في المقاومة ما لم تكن أنت مقاوماً بالفطرة والبديهة وبالتعلم والاكتساب الفكري والثقافي والمعرفي وإدراك حقك كفرد في المقاومة. مشيرا “إلى أن الثقافة باعتبارها سلوكاً واعياً وفهماً للواقع وإدراكاً للمآلات في كل مجالات الحياة، وهي في ذاتها مقاومة ما التزمت بالقيم العليا للمجتمع -هناك ثقافات منحطة- ترتبط المقاومة بالثقافة وتمتزجان في تهذيب السلوك والعمل النوعي الواعي، فلا مقاومة بدون ثقافة سلوكية سليمة، وإلا تحول المقاوم إلى ( مبرراتي ) وإلى لص و (مقرح ) أقفال وقاطع طريق. فاذا كانت المقاومة خلق، فإن الثقافة هي حسن الخلق. من لا يحمل وعياً ثقافياً قيمياً لا يمكن أن يكون مقاوماً وإن أدعى المقاومة، حتما سيأتي موقف وسيثبت أنه لا علاقة له بالمقاومة.
وأوضح ” المقاومة عمل موجه ضد عدو، وهذه المقاومة للعدو لا تعني بأي شكل من الأشكال أن المقاوم يقتل شعبه وأهله، المواطن والمجتمع ليسوا أعداء، ومن لم يعرف طريقه وسلوكه وعدوه ومن لم يفرق بين العدو والصديق لا علاقة له بالمقاومة، ولا يحدد كل هذه المسارات سوى الثقافة. وإن خلق حالة الرفض في المجتمع لكل ما يضر بمصالح الفرد والمجتمع وبمؤسسات الدولة هو الفعل الثقافي الأهم على الإطلاق، هو فعل وتوقع وابتكار للدفاعات المناسبة والتعامل السريع مع الأحداث.. في 2014 نخبنا السياسية المعطلة بمجملها لم تكن تتوقع انقلابا على الدولة والشعب، وبعض هذه النخب كان يعمل بوجهين وجه نخبوي ووجه ميليشاوي وعند معرفة هذا النوع بقدوم انقلاب المليشيات ذهب لترتيب وضعه معها قبل أن يقع الانقلاب على السلطة وذهبت تروج للميلشيات بأقوال وأفعال وادعاءات فارغة لم تثبت صحتها مع مرور الزمن.
وأشارـ رئيس مركز يمنيون للدراسات ـ إلى أن المقاومة فرض عين على كل فرد وكل الناس كل في مجاله فالمعلم والطبيب والصحفي والمهندس والمثقف عليهم أن يتحلوا بالمقاومة وأن يكون كل منهم مثالاً ونموذجاً حياً لثقافة المقاومة في ذاته ومعلماً لغيره من أبناء المجتمع والشعب والأمة، فلا سبيل للخروج من هذا الواقع إلا بالمقاومة وإشاعة روح وثقافة المقاومة،
وأضاف ” مقاومة الانقلابات المدعومة من الإقليم ومن إيران واجب كل يمني وكل يمنية، كل كبير وصغير، ماذا يعني إعلان إيران أن صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي سقطت بيدها؟ ماذا يعني أن تدير أبو ظبي انقلاب باسم الجنوب اليمني وكل سنة تعلن عنه بشكل أو بأخر؟ ماذا يعني تربص الجميع باليمن بسواحله ومياهه الإقليمية ومضيقه وجزره؟ كل ذلك يعني أن مقاومة الأمة اليمنية ضعيفة ولم تكن في حالتها المثالية، ويعني أننا ملزمون بسباق الزمن وسباق كل المتربصين لإحياء روح المقاومة واشعال جذوة ثقافة المقاومة في قلب كل يمني داخل وخارج البلد. لا يحق لأحد فرض وصايته على شعبنا لا يحق لأحد فرض شروطه وبنوده على أمتنا، من حق شعبنا بناء دولته على أرضه كلها بدون استثناء، شعبنا هو صاحب الحق والسيادة والاستقلال، وعلينا جميعاً تحمل مسؤولياتنا تجاه شعبنا وجمهوريتنا ودولتنا وحق كل الناس في المواطنة المتساوية.
▪️ المقاومة السلمية
قال علي : إن المقاومة هي المقاومة الأكثر حضوراً على كافة المستويات وهي مقاومة دائمة وأبدية، فالسلم أكثر حضوراً من الحرب، وفي حالة السلم يجب أن تظل المقاومة تعمل في كل الميادين، وحتى في حالة الحرب والمواجهة تظل المقاومة السلمية السند الحقيقي والرافعة الأصيلة للدولة والأمة والشعب في مواجهة العدو الداخلي والخارجي ، والمقاومة السلمية تبدأ من استعداد الفرد لأن يكون رقماً صحيحاً في معادلة بناء الدولة، وهذا البناء مستمر لا يتوقف ولا ينتهي، ومن الفرد تبدأ مقاومة الذات وتغلب الفرد على رغباته وشهواته التي قد يهلك ويهلك معه الآخرين إن سمح بتغلبها عليه، يحتاج للمال ولديه رغبة في البذخ ، فوجود الفرد المقاوم في إطار المقاومة السلمية هي أولى حلقات بناء متتالية المقاومة الجماعية والشعبية. وهناك أشكال عدة تندرج تحت مفهوم المقاومة السلمية منها : مقاومة الجهل والتخلف ومقاومة الكراهية والتكفير والطائفية والمناطقية والعنصرية والعرقية والطبقية ومقاومة تمزيق الدولة والوطن مقاومة تشريد أبناء الوطن ،وهذا النوع من المقاومة مرتبط بالقيم السامية بالأخلاق الفاضلة، بنشر المحبة والتسامح والتعاون والتشارك وتشجيع المواهب والارتقاء بالذات والمجتمع. إن قدرة المجتمع على خلق روح رافضة لكل ما يضر بمصالح الناس، هي الممهد لانخراط المجتمع في النوع الأخر من أنواع المقاومة وهي المقاومة المسلحة.
وأكد فيصل أن المقاومة المسلحة يجب أن ترتكز على كل أساسيات ثقافة المقاومة السلمية وبدون المقاومة السلمية التي تشبع بها الفرد لا يمكن أن يكون مقاوماً، من لم يتشبع بمفاهيم وقيم العدالة والحرية والمساواة والمواطنة لا يمكن أن يكون مقاوماً وسيتحول تلقائياً من مُقاوم إلى (مقاول)، قاطع طريق يبحث عن جبايات وإتاوات ومكاسب شخصية، سيتحول من فرد في جبهة إلى شيخ يحكم ويأمر وينهي ويحصد الأرباح والأراضي والعقارات، سيتحول من مقاوم في خدمة المجتمع والدولة والأمة إلى كارثة على الشعب والناس والمواطنين. من لم يتخلق بفكر المقاومة السلمية والثورة السلمية سيتحول إلى وبال على الناس سيتحول سلاحه من الدفاع عن الحقوق إلى الهجوم على الحقوق، ولذلك هذا النوع من أنواع المقاومة له شروط وليس مفتوحاً لكل ضعيف.
واستطرد قائلا المقاومة المسلحة عمليات نوعية ومحدودة ومشروطة في التصدي لعدو داخلي خرج على إجماع الأمة وتعدي على أرواح الناس وحقوقهم وحرياتهم وعلى مؤسسات الدولة والشعب، وفي التصدي للعدو الخارجي الذي يغزو البلد بجيوشه، بمجرد امتداد سلاح المقاومة المسلحة إلى الشعب هذا الفعل يُوجب إخراج من يفعل ذلك من خانة المقاومة إلى خانة العدو والمجرم، المقاومة المسلحة ليست إعلام وشعارات وزوامل وصور وبطولات وهمية، المقاومة المسلحة سلوك معتدل لمواجهة العدو لا أكثر، ويجب أن لا تتحول إلى دولة داخل الدولة، ويجب أن تكون في إطار عمليات الدولة والجيش لا خارج هذه الأطر، وإن ضعفت الدولة وصارت بلا جيش تتحول المقاومة المسلحة إلى جيش شعبي تطوعي، ينخرط فيه من توفرت فيهم الشروط الأخلاقية والبدنية المناسبة، لا تجنيد الفقراء والأطفال واستغلال حاجة الناس.
وأشار إلى أن هناك نماذج للمقاومة المسلحة : كمقاومة الشيخ علي ناصر القردعي للرجعية والاحتلال، مقاومة غالب راجح لبوزة للاحتلال البريطاني، مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري للاحتلال الفرنسي، مقاومة عز الدين القسام لإسرائيل، مقاومة عمر المختار الاحتلال الإيطالي لليبيا، مقاومة الشعب اليمني لانقلاب الهاشمية السياسية.