قصيدة لبغداد.. الشاعرة لميعة عباس عمارة

لبغداد
أُغني لبغداد
هلا وعيوني بلادي رضاها
وأزكى القِرى للضيوف قِراها
بلادي ويملؤني الزهو أني لها انتمي وبها اتباهى
لأن العراقه معنى العراق
ويعني التَبغّددُ عزاً وجاها
أُغني لبغداد تصغي القلوب وأُلفي-وتُضحي- دموع الحنين صداها
وإن قلت بغداد أعني العراق الحبيب بلادي بأقصى قُراها
من الموصل النرجسية أم الربيعين والزاب يجلو حصاها
إلى بصرة الصامدين نخيلا تشبث من أزِّلٍِ في ثراها
بأسطورة العصر جئنا نُشِيدُ لأم الفوارس نحني الجباها
لأكرم واهبة في الوجود
لمن قدمت ولِدَّها وحُلاها
لكل مقاتلة في العمارة
مادُربت لقتالٍ يداها
لإم الشهيد وهي تهلهل
تزف لدار الخلود فتاها
لأم الفقيد تُسائل عنه البراري ولا نور يهدي خُطاها
لأم الأسير وظلم الأسارى
يقطع في كل يوم حشاها
لأم المعاق ترى ما أعاق وساماً حمى أرضه وحماها
أُولاءِ نساءُ بلادي فكيف الرجالُ النشامى أسود شراها
ونذرُ علىَّ أقبل كف الذي أخطأ لما رماها
تحرك ساكنهم حين صارت أساطيلهم تصطلي بلضاها
وصاروا يرون حمام السلام أبابيل والمُعلِمات متاها
أعُظمى يشير عليها خبيث يضللها وتظن هداها
لأعدائك الحق أن يُبغضوك وكيف يقر لعِينٍ قذاها
يرون نبوخذ نصر فيك وتذكر مسبية من سباها
عجبت لمنتسبٍ للعروبة يرضى بإذلالها وأذاها
وكيف تكون الخيانة صرفاً هي الوطنية لا ماعداها
وكيف التقدم يعني الرجوعُ وكيف العروبة تعني عِداها
هجرت القصائد
أو هجرتني
وما عُدتُ تطحنني برحاها
تعافيتُ من لوعة الشعر
خلتُ وخُففت الروح مما عناها
وصارت ردودي على الحادثات كغيري بكاءً وصمتاً وآها
وأسكنتُ نفسي أقصى البعيد وقلت غبار السنين علاها – طواها-
فما نسيتني عيون النخيل ولا القلب والله يوما سلاها
وأعرف أن قمر للوجود
ولكنه قمر في سماها
* لميعة عباس عمارة (1929-18 يونيو 2021) توفيت عن تسعة عقود ونيف، شاعرة كسرت التقاليد العربية ناصرت قضايا المرأة واعتنقت الحرية، يسارية التوجه، حكم عليها بالإعدام- أعدمت فتاة غيرها- وشردت من العراق في ستينيات القرن الماضي، واستوطنت الولايات المتحدة الأمريكية، أحبها السياب وأعجب بها أبو ماضي، وأحبت العراق ولم تقل فيه إلا ما يليق به بلد وتاريخ وحضارة وما يليق برائدة الشعر الحر، ومن زملائها نازك الملائكة والسياب وابن خالها عبد الرزاق عبد الواحد. لها عدد من الدواوين الشعرية؛ الزاوية الخالية، عودة الربيع، أغانى عشتار، يسمونه الحب، لو أنبأني العراف، البعد الأخير.
للمزيد عنها كما تحدثت عن نفسها في مقابلة خاصة.
اقرأ ايضا: والتين والزيتون – قصيدة للشاعر العربي ماجد السامعي