- الأستاذ الدكتور ناصر زاوية، جامعة رود آيلاند
يلعب المهجر اليمني دوراً حيوياً في تشكيل مستقبل التعليم والبحث العلمي في اليمن، لكن الأكاديميين والمهنيين اليمنيين في الخارج يواجهون تحديات كبيرة تحدّ من فرصهم في الإسهام في التنمية المستدامة وتطبيق استراتيجيات فعّالة للاستفادة من خبراتهم. هذا يبرز الحاجة إلى التعاون بين الأكاديميين والجهات المعنية، مثل صانعي السياسات التعليمية والمؤسسات التمويلية، لتعزيز تأثير المهجر اليمني على المشهد الأكاديمي والبحثي في البلاد.
تسببت الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية المستمرة في اليمن في خلق بيئة غير مستقرة دفعت الأكاديميين والمهنيين للبحث عن فرص في الخارج. إضافةً إلى ضعف الإمكانيات وقلة الأجور وعدم توافر بيئات العمل المناسبة، ساهم ذلك في عدم عودتهم إلى اليمن. في المقابل، تقدم الدول المضيفة وظائف ذات رواتب مجزية، ومرافق متطورة، وتمويلاً كبيراً للبحث العلمي، مما يجعلها وجهات جذابة لليمنيين وغيرهم. بينما تعاني الجامعات اليمنية من نقص في التمويل وبنية تحتية غير كافية، مما يؤثر سلباً على قدرتها على الحفاظ على الكوادر الأكاديمية أو جذبها، مع ضعف في تمويل النظام التعليمي العام، مما يعيق التطوير الأكاديمي والمهني.
رغم هذه التحديات، هناك إمكانات كبيرة للكوادر الأكاديمية اليمنية في الخارج لإحداث تأثير إيجابي في اليمن. في هذا الصدد، نجحت دول مثل الصين والهند وألمانيا وكوريا الجنوبية وتركيا في الاستفادة من خبرات الشتات لدفع عجلة النمو الاقتصادي والابتكار. على سبيل المثال، قامت الصين وألمانيا بتقديم حوافز لتشجيع الباحثين البارزين في الخارج على العودة إلى بلدانهم، مما ساهم في تحسين قدراتهم البحثية واستفادت من بروزهم العالمي في مجال البحث العلمي. وترتبط النهضة الاقتصادية في كوريا والصين ارتباطاً وثيقاً بمساهمات الكادر الأكاديمي في المهجر في سد العجز البحثي وتعزيز المعرفة، مما يوفر دروساً وتجارب قيمة يمكن لليمن أن يستفيد منها.
تلعب الشبكات الأكاديمية، سواء داخل اليمن أو في المهجر، دورًا فعالًا في سد الفجوة المتراكمة في اليمن عبر العقود، لكنها تبقى محدودة بسبب السياسات المتبعة. قدمت هذه الشبكات المساعدة للشباب اليمنيين لمتابعة التعليم العالي من خلال المنح الدراسية وبرامج الإرشاد الأكاديمي، كما عملت على بناء القدرات المؤسسية عبر التقدم للحصول على منح بحثية، والإشراف على طلاب الدراسات العليا، وتطوير المناهج التعليمية. إلا أن هذه الجهود غالباً ما تكون مجزأة وقصيرة المدى، وتعتمد على المبادرات الفردية بدلاً من البرامج المستدامة، ويرجع جزء من ذلك إلى السياسات المحلية التي تشكل عائقاً رئيسياً أمام استدامتها.
لزيادة مساهمات الأكاديميين في المهجر، هناك حاجة إلى نهج منسّق يعتمد على رؤية واضحة لتعزيز إمكانيات البحث الأكاديمي والعلمي في اليمن. يمكن للمنظمات الدولية مثل مؤسسة كارنيجي ومؤسسة قطر ومؤسسة حضرموت، إلى جانب الشراكات مع الجهات الماليزية ذات الصلة، تقديم الدعم المالي لهذه الرؤية من خلال مشاركة الأكاديميين اليمنيين في المهجر وأدوارهم ضمن شبكة الجامعات العالمية. على سبيل المثال، يمثل برنامج "الشراكات من أجل تعزيز المشاركة في البحث" (PEER SCIENCE)، وهو تعاون بين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والمؤسسة الوطنية للعلوم، مثالاً ملموساً على كيفية تعزيز المبادرات المدعومة من الجهات المانحة وربط المهنيين المغتربين بوطنهم. ومع ذلك، تتطلب هذه الحلول قيادةً وتخطيطاً استراتيجياً طويل الأمد لمعالجة تحديات اليمن بفعالية.
يعد الأكاديميون اليمنيون في الخارج مورداً قيماً للإسهام في إعادة بناء البنية التحتية الأكاديمية والبحثية في اليمن. من خلال الاستفادة من تجارب دول أخرى ناجحة، يمكن لليمن تبني استراتيجيات مبتكرة للاستفادة من خبرات المهجر الأكاديمي. عبر التمويل المستهدف والبرامج التعاونية، يمكن للمهجر اليمني أن يكون محفزاً وداعماً للتقدم التعليمي والبحثي، مما يساهم في التنمية والاستقرار المستدام في اليمن.
- خلاصة ورقة العمل بعنوان "دور المهجر اليمني في تعزيز البحث والتعليم في اليمن" قدمها الأستاذ الدكتور ناصر زاوية، جامعة رود آيلاند، في الملتقى الأكاديمي الأول للباحثين اليمنيين في ماليزيا، الذي نظّمته شبكة أسرن ومركز يمنيون للدراسات واتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا في 18 نوفمبر 2024م.