يمنيون من الحلم إلى التيار.. حوار مفتوح مع الدكتور فيصل علي
سؤال الهوية والدولة والثقافة.. مشروعنا استعادة اليمن الكبير وإيقاظ المارد ووقف استهداف “الإمامة” لأمتنا وحضارتنا
أجرى موقع اليمني الجديد حوارا خاصا مع الدكتور فيصل علي رئيس مركز يمنيون حول تيار يمنيون الفكرة والأهداف والأنشطة يعيد موقع اليمنيون نشره نقلا عن موقع اليمني الجديد
حوار – فايقة حسين
كثيرة هي المبادرات والمشاريع الشبابية والوطنية والحقوقية والفكرية، بعضها شقت طريقها بصعوبة وسط هذا الواقع المؤلم، وبعضها تعوقت في منتصف الطريق. وهنا: يبرز وسط هذا الواقع الذي تعيشه البلاد بعد حرب تكاد تذهب بالأمة اليمنية تيار جديد، بعد أن بقي فكرة تختمر لدى ثلة من الشباب لسنوات. يمنيون ليس مجرد أسم.. بل أصبح اليوم واقعاً على الأرض. ويعود إلى الواجهة من جديد محملاً بمهمة ثقيلة عبر تعزيز الهوية اليمنية التي طالها الاستهداف لفترة تزيد عن خمسة عقود من قبل الإمامة.
يقوم التيار في هذه الاثناء بمهام أقرب إلى مهام الدولة بعد تفتتها في محاولة منه لرفد الواقع اليمني بكثير من المفاهيم الفكرية والسياسية والأطر والقوالب التي تعيد للسياسة دورها للثقافة مكانتها في محاولة لاستنهاض المارد اليمني الذي طال انتظاره.
في هذا الحوار، استطلعنا مع السياسي الشاب، فيصل علي أحد أبرز المؤسسين لهذا التيار، والذي تنقل أثناء الدراسة بين اليمن والعراق وماليزيا. وحاصل على الدكتوراة في الاعلام من ماليزيا، وعمل محرراً صحفياً في صحيفة الثورة بصنعاء، وكتب في العديد من الصحف والمواقع اليمنية والعربية، وله اسهامات ثقافية وفكرية من خلال الفعاليات والمقالات والكتابات السردية والسياسية والثقافية.
وهو مهتم بالشأن اليمني والعربي، ومحلل سياسي، وله ظهور في العديد من القنوات اليمنية والعربية. يعمل حاليًا رئيساً لمركز يمنيون للدراسات، وعضو مؤسس في تيار يمنيون.
لديه من خلال تيار يمنيون رؤية وطنية مغايرة لما هو موجود في الساحة، يرى: أنه لابد من فكرة وفلسفة يمنية خالصة؛ لإحداث التحول الجذري في اليمن. ويرى أن صناعة السلام في اليمن والمنطقة هي بداية التخلص من فترة التيه الإقليمي الممتدة من القرن الماضي، ويقول: “بأن مد العلاقات اليمنية مع مختلف دول وشعوب العالم أمر حتمي لنهوض اليمن الحضاري وليس اليمن السياسي المعروف بالجمهورية اليمنية فقط”.
في الشأن اليمني يرى أن السلام “اليمني اليمني” هو ضرورة لحفظ اليمن هوية ودولة وشعب، ويدعو الفرقاء لإنهاء النزاع بينهم أو التوقف عن ممارسة أي دور واعتزال الحياة السياسية والعسكرية، وأن يتركوا الشعب اليمني يقرر ما عليه فعله، وإن لم يكونوا مع السلام فليتوقفوا عن الحروب بكل أشكالها، يكفي ما نزفته اليمن من دماء ويكفي ما ضاع من خيرة شبابها ومن مستقبل شعبها.
-في البداية دعنا نسألك عن تيار يمنيون ماذا يعني للدكتور فيصل علي؟
من الصعب أن أتكهن كيف سأجيب عن هذا السؤال، إذا كان على الهواء، ومن الجيد أنه سؤال مكتوب، تيار “يمنيون” بالنسبة لي كحلم شيء مريء وقابل للتطبيق والتحقق والقياس من حيث الهدف، وكفكرة يعني لي أن البلد الذي أنتمي إليه في هذه الأوضاع الممتدة منذ عقد من الزمان مهدد من قبل المشاريع الصغيرة فيه والتي هي امتداد لأجندات خارجية معروفة وواضحة. اليوم بعد مرور خمس سنوات من الحرب العدمية في البلد، ماذا نقول للمشروع الطائفي بشقيه السني والشيعي ومن يريدون أن تكون اليمن مرتعاً وامتداداً للحروب الطائفية في المنطقة؟ وماذا نقول للانتهازية السياسية والفساد الذي دمر البلد من قبل ثورة 11 فبراير 2011 ومن بعد انقلاب 21 سبتمبر 2014 إلى اليوم؟ وماذا نقول للجهوية القروية ودعاة التشطير وتمزيق الخارطة اليمنية؟ بماذا نلوذ اليوم بغير اليمن الكبير والتي كانت حلم أجيال ناضلت لأجلها سواء في الأزمنة الغابرة أو في التاريخ الحديث والمعاصر؟
يمنيون باختصار تعني: أننا شعب نتمسك بحقنا في هذا البلد وبحقنا في الحياة وبناء الدولة وتربية أبنائنا وممارسة حياتنا الطبيعية بين أهلنا وعلى تراب وطننا (اليمن الكبير)، يمنيون تعني لي أن أواصل السير في إنقاذ بلدي وشعبي وأهلي وهويتي.
-من هو مؤسس هذا التيار هل شخص أم مجموعه أم نخبة؟
من المزعج الحديث عن شخص وأشخاص هذه تُترك للتاريخ، هناك أشخاص – بكل تأكيد – ولدت الفكرة على أيديهم، الفكرة تخلقت في 2011 أثناء ثورة الشباب داخل وخارج اليمن، لم يكن لدينا هذه التسمية حرفياً بقدر ما كان لدينا جميعاً نفس الهم، أبناء شعبنا في الداخل اليمني يعانون من ويلات تغول الفساد في مختلف المؤسسات، وفي الخارج يعانون من الشتات والإهانة بسبب ضعف دولتهم وهوانها على الدول والأنظمة، بسبب نظامها الذي جلب شبهة الإرهاب لكل مواطن يمني.
-كيف وضح ذلك؟
خذي مثالا واحدا. الجواز اليمني المهان في كونترات المطارات والمنافذ وحامله لا يتمتع باي حقوق مثل مواطني كثير من دول العالم، هذه الأسباب وغيرها هي التي ألهبت عمق الشعور بالانتماء لوطن مختلف عن الموجود وجواز مختلف وذو قيمة، وطن يسود فيه الشعور بالمواطنة ويلوذ فيه الناس جميعاً بعلم الجمهورية اليمنية، وجواز سفر يحمي حامله أينما أتجه وأينما حل أو ارتحل.
-هل تستطيع أن تقول لنا متى بالضبط خرج هذه الفكرة وأصبح واقعا؟
نعم، ما بين عام 2015 – 2017 ولدت الفكرة كنتاج للمرحلة السابقة، وخلال هذين العامين اتضحت المعالم الرئيسية لهذه الفكرة، وفي 16 فبراير 2018 أُعلن التيار رسمياً، وتم توزيع اللجان ما بين؛ لجنة علاقات خارجية مهمتها التعريف بالقضية اليمنية في المحافل الدولية.
لجنة العلاقات الداخلية: لتعميق الفكرة ونشرها بين أبناء الشعب اليمني وللإسهام في التقريب بين وجهات النظر بين الفئات والتكتلات والأحزاب المختلفة والسعي الدائم لرأب الصدع بين اليمنيين وإرساء ثقافة الحوار بدلاً عن ثقافة الصراع السياسي والإعلامي والعسكري.
لجنة التنمية: والتي تتمثل فكرتها في إشعال جذوة التنمية وخاصة في الأوساط الطلابية والأكاديمية والثقافية وهي قائمة على أساس (ريال خبز وريال وعي) فيما يخص الحركة الطلابية في الداخل والخارج.
لجنة الاعلام: التي تقوم بالترويج ونشر فكرة التيار، ولجنة الفكر التي تعمل على ترسيخ فكرة يمنيون من خلال الأعمال الثقافية والفنية والفكرية التي تمجد اليمن وتعظم فكرة بناء دولة الشعب اليمني.
-هل واجهتكم عوائق منذ بداية التأسيس وما هي أبرزها؟
منذ بداية التأسيس واجهنا مشكلات كثيرة، أهمها عدم تفريق الناس ما بين التيار والحزب، أصدقائنا في الأحزاب كانت ومازالت لديهم تساؤلات وعلامات تعجب واستفهام، لو قلنا لهم” مالناش في السياسة القائمة اليوم”، يقولون لنا “وماذا يعني إعلان تيار في هذه المرحلة؟” نرد عليهم “وجود تيار مهم، وعملنا أقرب إلى الفكر وإلى الثقافة، لسنا سوى رافد يمني لكل حزب سياسي يمني”، أتذكر في لقاء موسع مع شباب التيار في مجموعة خاصة بالتيار تركني الأصدقاء في الواجهة وكنت أرد على كثير من التساؤلات عن علاقة التيار بكل حزب على حده، خلاصتها نحن لدينا فكرة (يمننة) هذه الأحزاب يمننة برامجها وإقامة علاقات مهمة معها وشبابنا في كل هذه الأحزاب هم رسل التيار وحملة فكرة يمنيون لكل حزب.
-هل تشعر أن هناك مشكلة داخل الأحزاب يعود لها هذا الخلط في المفاهيم؟
طبعاً لدينا في اليمن مشكلة مع الإيديولوجيات المستوردة جميعها، لكن ليس لدينا مشكلة مع الأحزاب على الإطلاق ومعجبين بتسميات أحزاب بعينها مثل الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح، “اليمني” هنا هو أصل هذا الإعجاب، هذه الأحزاب قُدر لها ونشأت بأيدولوجيات مختلفة متضادة متصارعة متقاربة فوقياً في بعض المراحل، نحن نسعى إلى ردم الفجوة بين هذه الأحزاب بتخفيف الأيديولوجيا عبر “يمننة” المناهج الثقافية للأحزاب.
نحن نستهدف الفكر ونعتز بكل الأحزاب اليمنية كالتنظيم الناصري ذي الأساس القومي العروبي فهو يشكل لنا مدخلاً قوياً لعمقنا العربي هو وحزب البعث وهي أحزاب لها أسسها الموضوعية والفكرية، حزب المؤتمر هو أفضل مكون يمني بدون أيديولوجية، حزب برجماتي قادر على التكيف ونتمنى أن يتم عودته بقيادة موحدة، تجربة الحزب الاشتراكي في اليمننة مذهلة وهي محل تقدير وتعظيم لدينا في التيار، استطاع الحزب أن يُنهي السلطنات والمشاريع الصغيرة في جنوب اليمن وتجربته حيوية في ترسيخ الهوية والوحدة اليمنية، كان دستور الجنوب صناعة هذا الحزب العريق ويمثل نتاج ملهم لما نصبو إليه من إعادة يمننة هذه الأحزاب والفكر والثقافة اليمنية.
-من كلامك أين هي المشكلة بالضبط؟
جُوبهنا بالمعترضين والحالمين والحاملين روح الفكرة دون أطرها التي اختطها التيار، حاولنا أن نستوعبهم بعد التأسيس في 2018 ومن لم نفلح في استيعابه حينها أعدنا استيعابه هذا العام، وسنواصل استيعاب أبناء شعبنا، ولسنا قابلين بأن نختلف مع أحد، وخلافنا واضح مع العنصريين والطائفيين والجهويين، شعاراتنا مرفوعة من قبل الناس كلهم من 2015 وما قبلها: (يمنيون لا زيود ولا شوافع)،(يمنيون لا شيعة ولا سنة)، (يمنيون للأبد)، (يمنيون لا شماليون ولا جنوبيون)، لدينا حملات موجهة ضد العنصرية والطائفية ننفذها على الدوام ونستغل المناسبات للوصول إلى الجماهير، وكلما صنع أعداء اليمن مشكلات نعمل على تفنيدها ونقوم بواجب مقاومتها بكل الوسائل الممكنة.
كدنا في اللجنة المركزية نطير من الفرح عندما استمعنا إلى هتافات أهلنا في لبنان والعراق وهم يهتفون “لا شيعة ولا سنة” وأخيرا هناك من فهم اللعبة ووصل الى ما وصلنا إليه في التيار، “غيمت في اليمن وأمطرت في العراق والشام”، تيارنا يسعي لتخليق فكرة الأمة اليمنية في ذهن ومخيلة وفكر كل يمني، لكنه لا يُخل بكون اليمن جزءًا لا يتجزأ من الأمة العربية والأمة الإسلامية ولا تعارض لا في المصطلح ولا في التسمية.
-حتى نبسط للقارئ الفكرة، هل لك أن توضح لنا أهداف تيار يمنيون؟
أولاً: هذه الأهداف واضحة، وتتمثل في إحياء الهوية اليمنية والاسهام مع كافة مكونات شعبنا في بناء الدولة اليمنية والحفاظ على سيادتها واستقلالها، ووحدة وسلامة أراضيها، ورفع مستوى المجتمع اليمني اقتصادياً، وتعزيز الثقة بين مكونات المجتمع اليمني وإعلاء قيم الحرية والمواطنة والديمقراطية وبناء الجسور بين الأمة اليمنية المتواجدين في إطار الدولة اليمنية وبين اليمنيين المهاجرين عبر مراحل التاريخ، للحفاظ على اليمن كدولة وأمة لها امتداد ثقافي وحضاري في العالم، وإعلاء شأن اليمن وقيمه وإنسانه وتوسيع حضوره عالمياً. هذه الأهداف العظيمة نابعة من قيمنا ومن فلسفتنا ورؤية تيارنا وهي نابعة من حكمة شعبنا وفلسفته، القائمة على السلام والتنوع والتعايش، وبالتالي هي أهداف كل مواطن يمني سواء أتفق معنا أو تهرب منا لأنه يتخيل أننا سبقناه وقمنا بالإعلان بدون شخصه الكريم وتركناه وكأننا نحصر تيار يمنيون في أشخاصنا أو في مجموعتنا.
لا أحد يستطيع ملك اليمن ولا أن يدعي أنها حصرية عليه وعلى أفكاره اليمن تتسع للجميع، وهي اليوم في محنة ولغة التخوين والمحاصصة للأسف لم تغرق النخب وحدها بل أغرقت كل المشهد حتى الفراغ، صار الناس يبحثون عن محاصصة في الهواء الطلق وفي مقدمة قاعة محاضرات أو قاعات احتفال أو في ندوة ثقافية أو حلقة نقاش سياسية أو في حفل فني راقص، انقلبت المفاهيم وعلينا إعادة فكر الناس إلى أن اليمن كبير لا يمكن لأحد ابتلاعه، وكل أولئك النفر الساعين للمناصب والباحثين عن مكانة سياسية أو اجتماعية أو حتى ثقافية إنما هم غارقون في الوهم، المكانة الحقيقية لكل اليمنيين تكمن في إقامة دولتهم الحرة والمستقلة وليست في منصب أو كرسي أو في فعالية أو في حفل أو حتى في تلك الرؤوس الفارغة من الهم اليمني والباحثة عن الدولار وليتهم يبحثون عن الريال اليمني ربما كان تحسن وضعه.
-في تيار “يمنيون” ما الجديد الذي ستقدمونه بخصوص الهوية اليمنية؟
أعرف أنكِ وغيرك لديكم خلطاً بين التيار والحزب، وهذه مشكلة نوجهها كما قلت سابقا، الحزب بناء تنظيمي واسع التعقيد وهو يسعى للوصول إلى السلطة، بينما التيار يسعى إلى إيصال أفكاره إلى الأحزاب وإلى السلطة والمعارضة وإلى الشعب عموماً.
وبالتالي: نحن في تيار يمنيون نسعى إلى يمننة فكر وثقافة المجتمع والأحزاب والسلطة، لا توجد معارضة واضحة المعالم والا لسعينا إلى يمننتها. في مبادرة تيار يمنيون التي أعلنت في 26 سبتمبر 2018 دعا التيار: إلى وجود معارضة للسلطة القائمة بل إلى خلق معارضة ولو من رحم السلطة، فلا يستقيم العمل الديمقراطي والوطني بدون مكوني السلطة والمعارضة. في التيار حاولنا تمثيل المعارضة عبر التيار للسلطة القائمة والمتمثلة في الشرعية وهذا قفز على دورنا المنوط بنا في اليمننة وإحياء الهوية اليمنية، لكننا اجتهدنا وملأنا الفراغ عارضنا أحياناً أداء السلطة والأحزاب السياسية.
– طيب ما الذي قمتم به حتى الآن؟
أولاً: وضعنا مصفوفة لحل المشكلة في اليمن من وجهة نظرنا، ونقدنا – كان ومازال – موجه على الدوام لوجود حركات طائفية وجهوية، ونعارض بشكل مطلق للتدخل الخارجي في اليمن، الأحزاب السياسية تأخذ طابع الديمومة، ونحن حركة انقاذ مؤقتة، لدينا عمل أخر ومشروع أكبر من التيار، فقط لو وجدنا السلطة والأحزاب يعملون بروح الفريق الواحد لاستعادة الدولة وانهاء الانقلابات والتخلي عن سياسة الفساد، سنقول لهم أحسنتم ونغلق هذا الملف ونكون قد حققنا هدفنا الكبير في يمننة الأحزاب وربما نطلق حزب أو أحزاباً سياسية تسهم في الحالة الديمقراطية التي يُفترض أن تكون في اليمن الذي نريد.
ثانياً: مبادئنا تشي بحقيقتنا رغم كل التوضيحات والتطمينات التي نسوقها، فالهوية اليمنية لدينا في تيار يمنيون هي مجموعة الخصائص والسمات والقواسم التاريخية والاجتماعية المشتركة والتي تميز المواطن اليمني عن غيره من المواطنين المنتمين لدول أخرى، وبها يعبر المواطن اليمني عن انتمائه لليمن وفخره بأمجادها وتاريخها وحضاراتها المتعاقبة، هناك هوية حضارية ثقافية يمنية جسدها التاريخ لدى الجميع حتى أولئك الطائفيون والجهويون الذين ينكرون هويتهم اليمنية- بحسب الحاجة والظروف- إلا أنهم فشلوا في تعريف أنفسهم وسيعودون بعد انتهاء هذه الحروب الممولة والحروب بالوكالة إلى الحاضن الأكبر وهي الهوية اليمنية الجامعة.
-من خلال ما ذكرت يبقى السؤال، أين هي المشكلة؟
لدينا هوية سياسية وهي أساس المشكلة من وجهة نظر كل أصحاب المشاريع الصغيرة، هي الجمهورية اليمنية وهي أهم ما أنتجته الأمة اليمنية عبر أجيالها المتعاقبة، ولدت الهوية السياسية لليمنيين في عام 1990 تحت مسمى الجمهورية اليمنية والتي ولدت من رحم جمهوريتين يمنيتين، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية، ولم تُولد من العدم، مثلت الوحدة إشكالية لصانعي خرائط المنطقة، ولذا ساعدوا في الدفع نحو حرب أهلية في اليمن عام 1994، من الذي شطر اليمن؟ إنها هي خرائط الاحتلال البريطاني، جاءت هذه الهوية السياسية على غير هوى قوى الاحتلال، والحفاظ على الهوية السياسية “الجمهورية اليمنية” هو ادعى للحفاظ على الهوية اليمنية بمفهومها العام والشامل، والتفريط بالهوية السياسية هو تفريط بالهوية اليمنية الثقافية والحضارية والتاريخية.
ونعني بالأمة الأمة اليمنية الأجيال المتعاقبة على العيش والتعايش في هذه الأرض والتي استقرت في حدود أكبر من حدود الجمهورية اليمنية اليوم على امتداد كل جنوب الجزيرة العربية وانتجت دولاً شمال الجزيرة وما حول هذه الجزيرة في كل الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وشمال أفريقيا، ولهذه الأمة علاقات واسعة على مستوى العالم، وهي أمة قابلة للتعايش قائمة على التعدد والتنوع بكل أشكاله وقيمه ومعانيه، ولسنا معنيين بالامتداد السياسي للأمة اليمنية خارج حدود الجمهورية اليمنية المعروفة اليوم بقدر ما نحن مهتمون بالامتداد الثقافي الذي يجعل جسور التواصل الثقافي والحضاري قائمة رغم المسافات والحدود، ونطمح أن يتحول هذا التواصل العاطفي إلى تواصل معرفي علمي واقتصادي تجاري استثماري بما يخدم مصالح الشعوب والبلدان. وأحب التأكيد هنا حتى لا يفسر حديثي بنوع من التفاسير العدائية خارج إطار الثقافة والحضارة والتاريخ على أن مصطلح وسياق الأمة اليمنية لا يعني أن اليمن شيء والأمة العربية شيئا أخر، فاليمن جزء لا يتجزأ من الأمة العربية والأمة الإسلامية ولا تعارض لا في المصطلح ولا في التسمية.
-ماذا تعنون بالدولة والوطن؟
الدولة نعني بها: الدولة اليمنية القائمة اليوم وهي الجمهورية اليمنية بحدودها البرية والبحرية المعروفة، ومفهوم الدولة هو مفهوم شامل لكل مكوناتها فهي الشعب والأرض والسلطة والمعارضة والعقد الاجتماعي، وهي دولة حرة مستقلة ذات سيادة ولها اعتراف دولي وشخصية قانونية دولية وهي دولة عضو في الأمم المتحدة ولديها سفارات تابعة لها في أكثر من 55 دولة ولديها قنصليات فخرية في العديد من الدول.
-ممكن توضح أكثر هذه النقطة بالذات؟
أولاً: نحن نؤمن بأن الحفاظ على الدولة مهمة كل أبناء شعبنا اليمني في الداخل والخارج مهما اختلفنا سياسياً إلا أن الجمهورية اليمنية تجمعنا. كان هناك حديث عن تغيير شكل نظام الحكم في الدولة وتحويلها من دولة مركزية إلى دولة اتحادية فيدرالية في مؤتمر الحوار، وكان هذا الأمر محل جدل من التسعينيات هل يكون حكم محلي واسع الصلاحيات، أم كونفدرالية أم فيدرالية، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل قالت أنها فيدرالية ويمن اتحادي، لكن الظروف تغيرت بسبب انقلابي صنعاء وعدن وظروف الحرب والتدخلات الدولية، وضعف وغياب مؤسسات الدولة، وكل هذا يجعلنا نتمسك بما هو موجود –الجمهورية اليمنية- وعند عودة الدولة بكامل قوتها ومؤسساتها فلكل حادث حديث ولليمنيين الحق الكامل في تغيير شكل الدولة ونظام الحكم وتوسيع المشاركة الشعبية، بدون المساس بواحدية الدولة والهوية والجغرافيا والنظام الجمهوري والديمقراطية وكل ما يتعلق بالسيادة وكرامة الأمة اليمنية.
-هذه الشعارات يرفعها كل الأحزاب والتيارات الموجودة؟
سنعود إلى هذا السؤال ولكن أكمل الفقرة، يجب أن نستوعب بأن الوطن هو الأساس، وهو أخر هذه المبادئ الأربعة لتيار يمنيون ونعني به كل أرجاء اليمن الكبير حيث يقطن الشعب اليمني بمختلف مكوناته وتنوعه الثقافي وتنوع تقاليده وأعرافه وأسلافه، الوطن حيثما يسكن شعبنا وتسكن معه ذكرياته وتاريخه وحضاراته وتسكن أرواح أجداده ومن هناك من كل أراضي الجمهورية اليمنية ينبت مستقبل كل الوطن والمواطنين، وعبر تاريخ هذا الشعب اكتسب قيم المواطنة كمشترك حضاري وثقافي سلوكي إنساني، ولذا يرتبط الوطن في فكر تيار يمنيون بقيم المواطنة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وتحقيق تكافؤ الفرص لكل المواطنين بإزالة العنصريات والطبقيات وكل مخلفات الطائفية والجهوية والقروية والمناطقية وكل مخلفات الانتهازية السياسية والفساد، لينعم المواطنون بأرضهم وخيراتها، وعلى عواتقهم جميعاً واجب الدفع لتحريك عجلة التنمية على مستوى الافراد والمجموعات والمجتمع والشعب اليمني.
إيجاد الفوارق بين المبادئ يحتاج إلى فهم ما يرمي إليه كل مبدأ، الفرق بين الوطن والدولة، ليس شاسعاً، لكنه فرق إجرائي قد توجد الدولة التي لا تقيم العدالة، لكن الوطن يفترض فيه قيام العدالة وقيم المواطنة والحريات، وهذه التفاصيل مهمة لفهم فلسفتنا في تيار يمنيون.
-لنعود إلى سؤال يمثل جوهر هذا النقاش.. ما هي برامج وأنشطة تيار يمنيون؟
أولا: للتيار أنشطة ثقافية ينفذها عبر وسائله المتاحة وعبر مركزه – مركز يمنيون – وهذا المركز يسعي دوماً إلى إعلان سياسات التيار عبر أنشطته وفعالياته، في كل ندوة أقيمت في المركز أعلنت سياسات التيار بشكل مباشر وغير مباشر، أضرب لك مثال.. في 16 يناير 2018 أقام المركز ندوة ثقافية حول “الهاشمية السياسية وخطرها على الأمة اليمنية” في هذه الندوة تم حصر مشكلة الهاشمية السياسية في إطار معين حتى لا يتمزق النسيج الاجتماعي اليمني، نحن نكافح لأجل مجتمع حر ومستقل ونكافح لأجل إزالة الطبقية وإزالة العنصرية بكل أشكالها، طائفية دينية وعرقية أثنية، وفي الندوة أعلنا عن تعريف مصطلح الهاشمية السياسية بشكل إجرائي حتى لا يتم اقحام كل الهاشميين في ردة الفعل تجاه الحوثية وهي الجناح العسكري للهاشمية السياسية العنصرية.
ثانيا: لا يمكن اعتبار القبيلة الهاشمية في اليمن أنها غير يمنية أو أنها مجرد أقلية، لا يوجد أقليات في اليمن، المجتمع اليمني مجتمع متعايش متجانس، وظهور العصبيات والطائفيات لا يعني أن نتحول كلنا إلي طائفيين وعنصريين، خلقنا عبر هذه السياسة جدلاً يمتد إلى اليوم لم تستوعبه لا الأحزاب ولا الشرعية ولا بعض النخب التي لم تجد لنفسها تعريف منطقي وواقعي إلى اليوم، لكنهم سينساقون خلفنا حتماً فنحن نقودهم من حيث لا يشعرون ، نحن نُشخص المشكلة ونضع الحلول ولسنا مجرد مُحدثي ضجيج، عرفنا الهاشمية السياسية وطالبنا بتجريمها في الفكر والدستور والقانون، لنحمي مجتمعنا اليمني من الضياع ونسيجنا الاجتماعي من التمزق، لدينا رؤيتنا وأهدافنا التي لا تغيب، برغم قلة إمكانياتنا إلا أننا موجودين وفاعلين، والثقافة تقود السياسة والفكر يخلق الوعي وأهدافنا استراتيجية ، هذا مجرد مثل وكل أنشطتنا تحمل نفس الطابع لا نعمل عمل بدون رؤية وأبعاد، بإمكانك وبإمكان القراء القيام بزيارة واحدة لصفحة مركز يمنيون لتجدوا الأنشطة فنحن لسنا تنظيم سري وليس لدينا ما نخفيه. مازالت لدينا محاولات في توسيع وتوزيع المراكز على المستوى الدولي وحتما سنجد الإمكانيات اللازمة للقيام بمهامنا.
ثالثاً: لدينا أنشطة عملية لا نروج لها، نحن نعمل بخطوط متوازية، مثلاً لدينا لجان العمل التي تحدثنا عنها، لكننا في توسع دائم، منه ما هو معلن ومنه ما هو غير معلن، نتعاون مع كل من يتفق معنا في تحقيق فكرة يمنيون، ولا نشترط تبعية أحد لنا وليس لدينا بطائق ولا استمارات انتساب منذ نهاية 2018 ونحن نسعى إلى تعزيز خلق مكونات يمنية جديدة قائمة على أساس التقارب بين أفرادها مهنياً وفكرياً وثقافياً ونوعياً، لكسر احتكار الأحزاب للتعبير عن الجماهير، وهذا نشاط مُتعب ويحتاج إلى طاقات وقوة تحمل إلى أن يفهم المجتمع والمكونات أننا لا نسعى للسيطرة عليهم ولا نحمل تجاههم غير الود ونتشارك في الهدف، كل مكون مستقل بذاته نشجعه لينطلق بمفرده ليكون جزءًا من كل مكونات مجتمعنا ورافده الثقافية والأدبية والتجارية والسياسية والفكرية ولن نتوقف حتى نخلق مكونات تملأ كل الفراغات حتى لا يتم محاصرة أبناء شعبنا وتصنيفهم سياسيا وأخذهم بجريرة غيرهم.
– تتحدث التيارات والأحزاب عن الحرب ما هي الرؤية عن السلام وما بعد الحرب؟
في هذه النقطة بالذات، حملت مبادرة يمنيون لإحلال السلام في اليمن آمال وتطلعات شعبنا لا ندعي تمثيل أحد بل ندعي ونؤكد أن لدينا رؤية جامعة، المبادرة حذرت من تطييف الصراع ومن الجهوية وحذرت من توالد الانقلابات. لدينا عمل كبير لأجل السلام سيُكشف عنه في الأيام القادمة ولدينا استعداد من خلال لجان التيار إلى التحرك نحو صنعاء وعدن وتعز ومأرب وحضرموت لرأب الصدع بين اليمنيين وإشراك الجميع في خارطة سلام، رؤيتنا للسلام في اليمن قائمة على أساس “سلام يمني يمني” فالسلام بين اليمنيين يمثل بداية نهوض اليمن من كبوته وتوقف العداء بين مكونات المجتمع. نظرنا دوماً للمفاوضات من جنيف إلى الكويت إلي ستوكهولم إلى المفاوضات الجزئية في الرياض/ جدة على أساس أنها مجرد أحاديث وأمنيات لا يصح منها شيء، ولو نظرنا إلى نتائج السابق منها سنعرف نتيجة اللاحق منها أيضا، لا سلام من خارج اليمن، مجتمعنا بحاجة إلى من يفهمه ويقدر موقفه ومواقف مكوناته ومواقف الفرقاء وهذا لن يأتي من خارج الحدود أبداً.
-هناك حالات عداء شعبية متصاعدة مع بعض دول الجوار والدول ذات الثقل الإقليمي كيف تنظرون لها وما الحل؟
نحن دعاة سلام وثقافة ومحبة وتسامح ولسنا دعاة جدل سياسي من أي نوع، ما تعرض له الشعب اليمني كثير جداً من قبل الجميع، من حاربوا الحوثي حاصروا الشعب ومن حاربوا الإرهاب حاصروا المواطن اليمني، ومن يتحاربون فيما بينهم يقتلون الشعب، لا نحلم سوى بالسلام لشعبنا ولشعوب المنطقة قاطبة، السياسات تتغير والقادة والأنظمة في تغير مستمر، من سيبقى هي الشعوب ومصالح الشعوب . بسبب سياسات الإمارات المتقلبة في اليمن هناك عداء شعبي كبير للإمارات تعدى العداء أو الخلاف السياسي، وهذا نتيجة الاعلام والتراشق عبر المواقع الشخصية والعامة وكل هذا الخلاف بحاجة إلى ترشيد، ترشيد خطاب النخب في اليمن والإمارات ثم ترشيد الخطاب الشعبي عبر نشر الوعي والجانب الرسمي مُطالب بالكثير هنا وهناك، ونحن نرى بضرورة وسرعة التطبيع الثقافي بين الشعبين ونرى إن إيقاف الحملات المتبادلة صار ضرورياً، اقل شيء على المستوى الثقافي، ودعوا السياسيين يقولون ما يقولونه، ودعوا العمل الثقافي المتنوع من الرياضة إلى الفن والدراما والموسيقى يسبق العمل السياسي، إن خلق العداوات بين الشعوب يسهم في خلق وتنامي ظاهرة الإرهاب وغداً سيدفع الجميع الثمن، ثقافة الانتقام وثقافة الرد والرد الأخر هي السائدة في أوقات الحروب والأزمات وهي ثقافة شائنة ضارة بالجميع، ولذا وجود عملية تطبيع ثقافي بين شعوب المنطقة كلها أصبحت ضرورة.
-أين هي المرأة من التيار؟
المرأة موجودة في كل لجان التيار وموجودة في رسم خطاب التيار وسياساته، وبسبب ظروف الحرب لدى المرأة قلق من المشاركة في العمل المعلن للتيار، والكثير من شابات التيار متواجدات في صنعاء بالتحديد أكثر من المناطق الأخرى، في التيار كوكبة من الكاتبات والمفكرات والقياديات في كافة مستويات لجان التنظيم، وكما قلت سابقا لسنا حزباً سياسياً ولسنا تنظيماً معقداً، وعملنا يقوم بسلاسة وسهولة وبساطة على الرغم مما يحمله التيار من رؤية وفكر وفلسفة عميقة ، التيار قريب من كل الناس بمجرد توقف الحرب سنكون في كل أرجاء اليمن، واليوم لسنا في الخارج فقط نحن في الداخل والخارج.
– ماهي مشاريع التيار القادمة وعلى ماذا ستقوم؟
التيار بكله مشروع من مشاريع يمنيون وهو وسيلة لا غاية بهدف خلق وعي بأهمية بناء الدولة اليمنية على أساس الهوية والفكر والفلسفة اليمنية، هناك مشاريع في قطاعات الفكر والثقافة والاقتصاد وكلها بحاجة إلى الوقت والجهد لترى النور، من دار النشر إلى الشبكة الإعلامية إلى صناعة السينما اليمنية، وكلها مشاريع جبارة فوق مستوى إمكانياتنا لكنها جزء من أفكارنا وأحلامنا وطموح أبناء شعبنا.
-كيف تنظرون لليمن بعد الحرب والدمار؟
بعد الفيضان يأتي الخير، وبعد السيل تأتي محاصيل وحصاد مذهل وبعد “الحرايب عافية” لابد من نهوض يمني شامل فكل هذه الظروف لم تقهر الانسان اليمني بل زادته صلابة وقوة تحمل، ما أنتجته ثورة 11 فبراير من إطلاق للعقل اليمني لا يمكن أن تقهره الظروف، الثورة خلقت تطلعاً يمنياً عاماً ليمن مختلف عن يمن ما قبل الثورة، والحرب بكل تفاصيلها خلقت وعي مجتمعي بأهمية وحدة اليمن وسلامة أراضيه وأهمية جغرافيته وسواحله وموانئه ومضيقه العالمي وجزره الاستراتيجية.
الحلم اليمني يتشكل، وهو حلم يشبه النبوة! كل رحم قبيلة ومنطقة ومكون يحلم أن يُولد منه هذا الحلم الكبير، “يا مصطفى يا كتاباً من كل قلب تألفْ ويا زماناً سيأتي يمحو الزمان المزيفْ” الحلم الذي تحدث عنه هنا البردوني لا محالة قادم، اليمن قادم كهوية وأمة ودولة ووطن، واليمن الثقافي قادم، وكل بوادر ظهور اليمن لا تخفى إلا على اليائسين، أنا هنا لا أتحدث عن التشاؤم والتفاؤل والحظوظ والطوالع، لا علاقة لي بالخرافات والكهانة أنا أتحدث عما أراه وألمسه، لا تغركم الظروف وتقلباتها، ففي كل زاوية من أرضنا مواطنون يمنيون يئنون من الوضع ويصيحون باليمن بالهوية والدولة والأمة والوطن فمن منكم لم يشاهدهم ولم يشاهد ما قدمه شعبنا من صعدة إلى المهرة من تضحيات؟!
كلمة أخيرة..
كلمتي الأخيرة.. أعيدوا النظر والبصر لتروا أن كل المواطنين في اليمن ومثلهم مشردون في أصقاع الأرض يهتفون باسم اليمن وهذا مُبشر كاف لاستعادة وبناء الدولة اليمنية على أساس الهوية والفلسفة اليمنية.
اقرأ في اليمنيون : اليمن بين الإسلام والسلالة