من القاهرة: كتاب جديد يفكك "التاريخ المتخيل" ويواجه خطابًا يهدد الوعي والهوية.
القاهرة – اليمنيون – 28 أغسطس 2025
أقام المركز الثقافي اليمني في القاهرة، مساء أمس الأربعاء، حفل مناقشة وتوقيع كتاب "التاريخ المُقَنّع: هل التاريخ حدث أم فكرة؟.. نقد أطروحات التوراتيين العرب" للبروفسور عارف أحمد المخلافي، الصادر عن دار زهراء الشرق.
افتتح نائب مدير المركز نبيل سبيع الأمسية بكلمة رحّب فيها بالحضور، مؤكدًا أهمية طرح مثل هذه الأعمال الفكرية للنقاش الأكاديمي. وقدّم الأمسية الإعلامي عمار المعلم، فيما ألقى الكلمة الرئيسية في المناقشة كل من البروفسور عبد الله الذيفاني، أستاذ فلسفة التربية بجامعة تعز، والبروفسور علي محمد المخلافي، أستاذ اللغة العربية ولهجاتها بجامعة صنعاء.
ورأى المتحدثان أن الإصدار يمثل ثمرة رحلة بحثية امتدت نحو عقدين، اعتمد فيها المؤلف على 225 مرجعًا علميًا، ليقدّم قراءة نقدية متعمقة تكشف ما أسماه "التاريخ المُقَنّع" أو "التاريخ المتخيل". وتوقف النقاش عند أبرز الأطروحات التي حاولت نقل جغرافية التوراة من فلسطين إلى اليمن والجزيرة العربية، منذ كمال الصليبي وصولًا إلى فاضل الربيعي، مؤكدَين أن هذه القراءات لم تُبنَ على أسس علمية، بل على مقابلات لغوية وانتقاءات لفظية بعيدة عن المنهجيات الأكاديمية الرصينة.
وعرض الكتاب نماذج بارزة لهذا الخلط، من بينها الادعاء بوجود آلاف النقوش العبرية في اليمن وهي في الحقيقة نقوش مسندية موثقة، والزعم بأن الملك السبئي كرب إيل وتر حكم ألف عام نتيجة دمج شخصيات تاريخية متفرقة، ونقل "مصر التوراتية" إلى الجوف، وإنكار لقب "فرعون" في النصوص المصرية رغم ثبوته في النقوش الهيروغليفية.
وأكد البروفسور عارف المخلافي في حديثه أن خطورة هذه الأطروحات لا تكمن فقط في تضليل القارئ، بل في زعزعة الثقة بالذات وإحداث قابلية للانسلاخ عن الهوية الوطنية. وشدد على أن الهدف من إصدار الكتاب هو مواجهة هذا النوع من الخطاب "المُقنّع" بالحجة العلمية، وتحصين الأجيال من الانسياق وراء قراءات تفتقر إلى أي سند أكاديمي رصين.
وخلصت الفعالية إلى أن الإصدار يمثل إضافة نوعية إلى المكتبة العربية، وخطوة جادة لتصحيح بعض القراءات الحديثة التي وصفها المتحدثون بأنها "غير علمية"، كما يفتح أفقًا بحثيًا بديلًا يقوم على تفكيك الأساطير المصطنعة وإعادة الاعتبار إلى النقوش والآثار والنصوص التاريخية في دراسة تاريخ اليمن والشرق القديم.