اليمنيون- كوالالمبور
في ذكراها السابعة، احتفت مؤسسة يمنيون الثقافية بمسيرتها الحافلة مع انطلاق فعاليات "يوم القهوة اليمنية 2025"، التي بدأت في عشية 16 فبراير واستمرت حتى 8 مارس، متزامنةً مع ذكرى الإعلان عن يمنيون في 16 فبراير 2018. ومنذ تدشينها في جامعة APU بماليزيا، تجاوزت هذه الفعاليات مجرد الاحتفاء بالقهوة اليمنية، لتشكل مساحة ثقافية تسلط الضوء على مكانتها العريقة في الهوية اليمنية عبر التاريخ.
وجاءت احتفالات هذا العام برعاية رسمية من سفارة الجمهورية اليمنية في ماليزيا، وبمشاركة واسعة من الجالية اليمنية، والمدارس اليمنية، واتحاد الطلبة وفروعه، والقطاع الخاص، مما عكس تزايد الاهتمام بالقهوة اليمنية وترسيخها كرمز ثقافي يحمل إرث اليمن العريق إلى آفاق أرحب، حيث لم تعد مجرد مشروب، بل ذاكرة وطنية تعبق بالتاريخ وتحمل رسالة ثقافية عابرة للحدود.
وفي هذا السياق، وضمن الجهود الثقافية لتعزيز الهوية اليمنية، أشاد السفير اليمني لدى ماليزيا وعميد السلك الدبلوماسي العربي، الدكتور عادل باحميد، خلال حفل تدشين فعاليات "يوم القهوة اليمنية 2025"، بالدور الريادي الذي تؤديه مؤسسة يمنيون الثقافية في إبراز الملامح الثقافية لليمن، وتعزيز الهوية اليمنية والتعريف بها عالميًا.
واعتبر أن النجاح الذي حققته المؤسسة يعكس نموذجًا فاعلًا للدبلوماسية الثقافية، حيث تسهم هذه الفعاليات في تقديم صورة مشرقة عن اليمن، وتعزيز روح الانتماء والتواصل مع الإرث الوطني، مشيرًا إلى أن القهوة اليمنية ليست مجرد منتج زراعي، بل جسر حضاري يعكس عمق التاريخ اليمني. كما أكد على أهمية الشراكات المجتمعية في دعم مثل هذه المبادرات التي تسهم في الحفاظ على الموروث الثقافي ونقله للأجيال القادمة.
وتأكيدًا على البعد الثقافي والتاريخي للقهوة اليمنية، قدّم الدكتور فيصل علي، رئيس مؤسسة يمنيون الثقافية، ورقة عمل بعنوان "رؤية يمنيون الثقافية: القهوة اليمنية إرث يتجدد"، في حفل التدشين تناول فيها الجذور التاريخية العميقة للقهوة اليمنية، مشيرًا إلى أن زراعتها تعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد ضمن حدود مملكة سبأ، التي امتد نفوذها في الجزيرة العربية وشرق إفريقيا. وأوضح أن اليمنيين استخدموا القهوة منذ مئات السنين كمشروب، وفي الصناعات الطبية والعطرية، كما أشار إلى أن أصل كلمة "coffee" الإنجليزية يعود إلى اللهجة اليمنية وليس إلى المصطلح التركي "kahveh"، وأن مصطلح "مقهى" مشتق من الكلمة اليمنية "مقهاية".
واستعرض دور اليمنيين في انتشار القهوة عالميًا عبر ميناء المخا، موضحًا أن تسمية "نبيذ الغيوم" التي أطلقها تعكس طبيعة زراعة البن اليمني في المرتفعات العالية، ما يمنحه مذاقًا فريدًا. كما تناول ارتباط القهوة بالتصوف اليمني من خلال فرقة الشاذلية، ودور الشيخ علي بن عمر الشاذلي في نشرها، إضافة إلى المكانة التجارية التي حظيت بها مدينة المخا كمركز عالمي لتصدير البن. وأوضح أن القوى الاستعمارية نقلت شتلات البن اليمني إلى مستعمراتها، بينما احتكر اليمنيون تصدير البن الصافي، ما عزز دور اليمن في تجارة القهوة العالمية. واختتم عرضه بالتأكيد على أن القهوة اليمنية ليست مجرد إرث زراعي، بل هوية ثقافية تربط اليمن بالعالم، وتجسد تاريخه العريق كحلقة وصل بين الشرق والغرب.
وفي ختام الفعاليات، وخلال حفل الإفطار الجماعي الذي أقامته الجالية اليمنية في ماليزيا مساء 8 مارس، أكد سعادة السفير الدكتور عادل باحميد أن هذه الفعاليات تجاوزت الاحتفاء بالقهوة اليمنية، لتجسد عمق الانتماء والارتباط بالتراث، مشيرًا إلى أن النجاح الذي حققته هذه الفعاليات أعاد الألق لهذا الإرث العريق، وعزّز حضور اليمن ثقافيًا. كما ثمّن الجهود التي بذلتها مؤسسة يمنيون الثقافية في الترويج للقهوة اليمنية كرمز يمني، مثمنًا دورها في تسليط الضوء على قيمتها الثقافية والاقتصادية، ومؤكدًا أن هذا النجاح يمثل خطوة متقدمة في إبراز اليمن وهويته الثقافية على نطاق أوسع.
وفي نفس السياق، أكد رئيس الجالية اليمنية في ماليزيا، المهندس مروان المبروك، أن القهوة اليمنية تمثل جزءًا أصيلًا من الهوية اليمنية، حيث تستحضر نكهتها المميزة صور المدرجات الزراعية التي تحتضن شجرة البن في ربوع اليمن، مشيرًا إلى أن فعاليات هذا العام عززت وعي المغتربين بأهمية القهوة كرمز ثقافي يوحّد اليمنيين في الداخل والخارج".
إلى ذلك استعرض الدكتور الأديب ماجد السامعي البعد التاريخي للقهوة اليمنية، مؤكدًا أنها كانت مصدر إلهام للأدباء والفلاسفة والصوفيين، وأطلقت ثورات فكرية غيرت مجرى التاريخ. وأضاف أن القهوة حملت اسم "موكا" من موانئ المخا إلى العالم، مغلفةً بعبق التراث وروحانية التصوف، ولا يزال صداها يتردد على مدرجات الجبال اليمنية مع كل موسم حصاد. وأكد أن اختتام فعاليات يوم القهوة اليمنية لا يعني نهاية الرحلة، بل هو امتدادٌ لتاريخ طويل يستمر مع كل فنجان يُسكب، وكل حكاية تُروى، وكل قلب ينبض بعشق القهوة اليمنية الأصيلة.
وكانت مؤسسة يمنيون الثقافية في حفل تدشين فعاليات يوم القهوة اليمنية، قد كرمت السفارة والملحقية الثقافية والجالية اليمنية واتحاد الطلبة، وكرمت الشركاء؛ أصالة للأغذية، وبوابة حلب، وياهلا جروب، وسدرة للعسل، ومدارس جلوبال، وخطوات المستقبل، ومطعم وادي حضرموت، ومطعم الخير، ومطعم باب اليمن، بالإضافة إلى مدرسة الجيل العربي الحديث، ومدرسة المعرفة الدولية، والمدرسة اليمنية في سيلانجور، وشركات أصالة هوليداي، وبامخرمة ميديا، ومجموعة ATC المتميزة وهشام ميديا جروب، تقديرًا لمساهماتهم في دعم الفعاليات. يذكر أن مؤسسة يمنيون الثقافية تنظم يوم القهوة اليمنية سنويًا في 3 مارس، إلا أن فعاليات هذا العام أُقيمت مبكرًا لتزامن الموعد مع شهر رمضان المبارك.
في حفل التدشين عبر أدبياتها الإعلامية أوضحت مؤسسة يمنيون أن الهدف من الفعاليات الخاصة بيوم القهوة اليمني يتمثل في: التعريف بالإرث الثقافي اليمني عبر القهوة كمحور للتواصل الحضاري. وتعزيز الروابط بين الجالية اليمنية والمجتمع الماليزي، عبر الفعاليات الثقافية والتذوقية. ودمج الجهود الرسمية والخاصة لتقديم القهوة اليمنية للعالم كمنتج ثقافي وتجاري.
ثلاثية نبيذ الغيوم
وخلال انطلاق الفعاليات أصدرت مؤسسة يمنيون الثقافية ثلاثية "نبيذ الغيوم ضمن مشروع يهدف إلى تعريف الأجيال الجديدة بالقهوة اليمنية وإرثها الثقافي. وتناولت الثلاثية، الموجهة للأطفال، حكايات البن اليمني من زوايا متعددة عبر ثلاث شخصيات، مسلطة الضوء على القيم التاريخية والاجتماعية التي ارتبطت بزراعة وتجارة القهوة في اليمن. حيث سعت إلى غرس الوعي بالهوية اليمنية، حيث طرحت عبر قصص مصوّرة قصيرة حكايات تتعلق المزارعين والتجار والمهندسين الزراعيين، مع رسائل ملهمة حول العمل الجماعي، والإبداع، والصمود أمام التحديات. وجاء هذا الإصدار انسجامًا مع رؤية المؤسسة في تعزيز الهوية اليمنية وتقريب المسافات بين أبناء الجالية والمجتمع المضيف، حيث تم توزيع الثلاثية مجانًا في المدارس اليمنية بماليزيا، وفي كل نقاط التذوق المجاني للقهوة اليمنية، دعمًا للجهود الرامية إلى إحياء التراث الثقافي اليمني وتعريف الأجيال الناشئة به بأسلوب إبداعي ومبتكر.
المطاعم
جاءت انطلاقة فعالية يوم القهوة اليمنية خلال هذا الموسم في مطعم الحمراء لتقدّم للزوّار تجربة غنية تمزج بين الأصالة والحداثة، وتسعى إلى إبراز الإرث العريق لليمن في زراعة البن ونشر ثقافته عالميًا. وشهد الحدث تقديم القهوة اليمنية الأصيلة، المحضّرة بأساليب تقليدية تعكس قرونًا من الخبرة، إلى جانب شروحات تعريفية حول تاريخ القهوة اليمنية وتأثيرها الاقتصادي والثقافي. كما أُثري الحضور بتوزيع بروشورات توثيقية، وسط أجواء تراثية تعكس الهوية اليمنية وروح الضيافة الأصيلة.
وانطلاقًا من النجاح الذي حققته الفعالية في مطعم الحمراء، امتد هذا الزخم الثقافي إلى مطعم "باب اليمن" في سردنج، الذي احتضن مطعم "باب اليمن" في سردنج فعالية "يوم القهوة اليمنية"، مقدّمًا تجربة جمعت بين التراث والحداثة، وسلّطت الضوء على اليمن كمهدٍ للقهوة عالميًا. استمتع الزوار بتذوق القهوة المحضّرة بأساليب تقليدية عكست خبرة اليمنيين العريقة، فيما قدّم المطعم شروحات تعريفية وبروشورات توثيقية، مما جعل الحدث نافذة عرّفت العالم بالإرث اليمني العريق.
وفي إطار التوسع في هذه الاحتفالات، شهدت كوالالمبور أيضًا انطلاق فعالية "يوم القهوة اليمنية" في مطعم "بوابة حلب" حيث استمتع الزوار بتذوق القهوة اليمنية والتعرف على إرثها العريق. في مطعم "بوابة حلب"، امتزجت نكهة القهوة اليمنية بعبق المكان، مقدّمةً تجربة فريدة وسط شارع العرب الصاخب. أتاح الحدث للزوار فرصة استكشاف تاريخ القهوة اليمنية وأساليب تحضيرها التقليدية، فيما وزّع المطعم بروشورات تعريفية تحكي رحلتها من موطنها إلى العالم، مما جعل الفعالية نافذةً على التراث اليمني وحضوره الثقافي العريق.
وبعد سلسلة من الفعاليات الناجحة، اختتمت فعاليات "يوم القهوة اليمنية" في مطعم وادي حضرموت بكوالالمبور، بعد أربعة أيام حافلة بالثقافة والطعم الأصيل. استمتع الزوار بتذوق القهوة اليمنية المحضّرة بأساليبها التقليدية، فيما قدّم فريق المطعم شروحات عن تاريخها العريق ورحلتها من ميناء المخا إلى العالم. وزّعت بروشورات تعريفية تسلّط الضوء على دور اليمن كمهدٍ لزراعة البن وأول مصدر له عالميًا، مما جعل القهوة اليمنية رمزًا ثقافيًا وحضاريًا. وقد عزّز المطعم، الذي يحمل اسمًا له دلالات تاريخية عميقة، هذه التجربة بجوّ تراثي يعكس هوية اليمن وامتدادها الثقافي في جنوب شرق آسيا، ليكون الحدث مساحة تربط الزوار بإرث يمني خالد.
وإضافة إلى هذه الفعاليات، استمر الاحتفاء بالقهوة اليمنية في مطعم الخير بكوالالمبور، حيث استمرت ثلاثة أيام واحتفت بالإرث العريق للقهوة اليمنية. حظي الزوار بتجربة مميزة، حيث استمتعوا بتذوق القهوة اليمنية الأصيلة والتعرف على مراحل زراعتها ورحلتها من جبال اليمن إلى العالم. وقدّم فريق المطعم شروحات تعريفية عن القهوة اليمنية، مؤكدين تميزها بنكهتها الفريدة وجودتها العالية. حمل المطعم، باسمه وهويته، روح العطاء والوفرة التي ارتبطت بالزراعة اليمنية، مما جعله مساحة تجمع بين النكهة والثقافة. وامتدادًا لهذا الحدث، أعلنت إدارة المطعم عن إضافة القهوة اليمنية إلى قائمة مشروباته الدائمة، ليبقى عبقها حاضرًا في تجربة زواره اليومية.
يا هلا
أما الاحتفاء الأبرز فكان من نصيب مجموعة "يا هلا جروب"، جاء ذلك في سياق توسيع نطاق الاحتفاء بالقهوة اليمنية، حيث خصّصت فروعها الستة في كوالالمبور لهذه المناسبة، حيث امتدت الفعالية من 20 إلى 25 فبراير، مقدّمةً تجربة ثقافية تجمع بين النكهة والتراث. شكّلت رحلة ثقافية ربطت بين اليمن وماليزيا، حيث استقطبت عشاق القهوة من مختلف الجنسيات. فلم تكن الفعالية مجرد تذوقٍ للقهوة، بل شكّلت رحلة ثقافية ربطت بين اليمن وماليزيا، حيث استقطبت عشاق القهوة من مختلف الجنسيات، وغصّت المقاعد بالزوار الذين استمتعوا بفناجين القهوة اليمنية المحضّرة بأساليبها التقليدية العريقة.
حيث تحولت مطاعم "يا هلا" إلى مساحات نابضة بالحياة، عكست روح الضيافة اليمنية وأصالة الموروث الثقافي، حيث زُيّنت أركان القهوة بلمسات تراثية، من السجاد اليدوي إلى التحف الفنية، مما أضفى على التجربة طابعًا متكاملاً جمع بين النكهة والأجواء التقليدية. لم يكن الحدث مجرد فعالية تذوق، بل كان مساحة عرّفت الزوار بتاريخ القهوة اليمنية ورحلتها من جبال اليمن إلى العالم، حيث وُزعت بروشورات توثيقية أبرزت مكانتها ودورها في تشكيل الهوية الثقافية اليمنية عبر العصور. ولم يكن اسم "يا هلا" مجرد علامة تجارية، بل جسّد فلسفة الترحيب والكرم العربي، وعكس القهوة اليمنية كجسر حضاري عزّز التواصل الثقافي بين الشعوب. تركت الفعالية أثرًا عميقًا لدى الزوار، الذين أعربوا عن إعجابهم بها وطالبوا بتكرارها، مؤكدين أن القهوة اليمنية لم تكن مجرد مشروب، بل تجربة حملت عبق التاريخ وروح الضيافة الأصيلة.
الجامعات
وفي إطار الاحتفاء بـ "يوم القهوة اليمنية 2025"، امتدت الفعاليات إلى الأوساط الأكاديمية، حيث نظّم الاتحاد العام للطلبة اليمنيين في ماليزيا، بالتنسيق مع فرعه في جامعة "UNTEN"، ركنًا ثقافيًا للقهوة اليمنية داخل الحرم الجامعي في بانجي/سيلانجور. حمل الركن طابعًا تراثيًا عكس أصالة الموروث اليمني، حيث استمتع الزوار بتذوق القهوة اليمنية التقليدية، مصحوبة بشرح حول طرق تحضيرها وتاريخها العريق. كما وُزعت بروشورات تعريفية بالسردية التاريخية للقهوة، مما لاقى تفاعلًا واسعًا من الحضور. وجاءت الفعالية، التي شهدت حضور قيادات ثقافية وطلابية، ضمن جهود تسليط الضوء على القهوة اليمنية كرمز للهوية اليمنية وتعزيز حضورها في المشهد الثقافي الدولي.
كما نظّم الاتحاد العام للطلبة اليمنيين في ماليزيا، بالتنسيق مع فرع الاتحاد في جامعة "Xiamen"، ركنًا ثقافيًا للقهوة اليمنية داخل الحرم الجامعي في مدينة سيبانغ/سيلانجور. شهدت الفعالية عرضًا حيًا لتذوق القهوة اليمنية التقليدية، إلى جانب معرضٍ للصور يبرز مناطق زراعة البن اليمني وخارطة توضّح امتداد إنتاجه في مختلف المحافظات، مما أضفى طابعًا ثقافيًا مميزًا على الحدث.
وحظي الركن الثقافي بتفاعل واسع من الطلبة والزوار، الذين استمتعوا بالتعرف على طرق تحضير القهوة اليمنية وأصولها التاريخية عبر بروشورات توثيقية وزّعت خلال الفعالية. كما شهد الحدث حضور شخصيات دبلوماسية وأكاديمية، مؤكدين على أهمية القهوة اليمنية كهوية ثقافية وتجارية عالمية.
المدارس
كما انتقلت أجواء القهوة اليمنية إلى المدارس الدولية، حيث تحوَّلت مدرسة الجيل العربي الحديث الدولية (MAGIS) حيث تحوَّلت ساحة مدرسة إلى مشهد ثقافي استثنائي، حيث امتزجت أصوات الطلبة مع روائح القهوة اليمنية الأصيلة في فعالية تناولت تاريخ البن وإرثه الثقافي. نظمت المؤسسة الفعالية برعاية سفارة بلادنا في ماليزيا، وقدمت تجربة فريدة تجاوزت مجرد التذوق؛ إذ شملت عرضًا حيًا لتذوق القهوة التقليدية ومعرضًا للصور وخارطة تُظهر مناطق زراعة البن اليمني. كما وزع في المدرسة كتيب "ثلاثية رشفات الغيوم" الذي روى حكاية ثلاث شخصيات يمنية في رحلتها مع القهوة من جبال اليمن إلى الأسواق العالمية، مما أسهم في تعزيز وعي الطلبة حول تحول البن من محصول زراعي إلى رمز ثقافي عالمي. وهكذا، أصبحت القهوة رسالة حملت عبق التاريخ وأصالة التراث، وأثبتت أنها تتعدى كونها مجرد مشروب لتروي قصة اليمن في كل رشفة.
وفي مدرسة المعرفة الدولية، أقيمت فعالية مماثلة حيث تحول ركن القهوة في المدرسة إلى منصة ثقافية نابضة بعبق القهوة اليمنية، حيث مثّلت القهوة نافذة لاكتشاف تاريخ البن اليمني وإرثه العريق. حمل الطلبة كتيب "ثلاثية رشفات الغيوم"، الذي يروي حكاية سعيد المزارع وأسعد التاجر وسلمى المهندسة الزراعية، ليصبح مادة ثقافية للنقاش حول دور القهوة في وصل الهوية بالعالم. جسّدت القهوة اليمنية نموذجًا عمليًا لكيفية تشكّل الحضارات من تفاصيل بسيطة، لتغدو أكثر من تقليد، ولغةً عالمية تروي قصة اليمن في كل رشفة.
وتواصلت هذه التجربة في مدرسة جلوبال الدولية (GMIS)، في تمازجٍ فريد بين التراث والتعليم، حيث تحوّل ركن القهوة إلى نافذة حيّة تسرد رحلة البن اليمني من مهد الحضارات إلى العالمية. لم يقتصر الحدث على استعراض مراحل زراعة وتحميص القهوة، بل قدّم تجربة تفاعلية دمجت بين الأصالة والحداثة، حيث وزّعت بروشورات توثيقية، وأعلنت المدرسة عن إدراج "ثلاثية رشفات الغيوم" ضمن أنشطتها التعليمية، تعزيزًا لارتباط الطلاب بجذورهم الثقافية من خلال الأدب.
جاءت الفعالية انعكاسًا لالتزام المدرسة، التي تتبع منهج كامبريدج الدولي (IGCSE)، بتقديم تعليم متكامل يجمع بين التفوق الأكاديمي والوعي الثقافي، في بيئة تحتفي بالتنوع وتعزز التفكير النقدي والانفتاح على الحضارات. لاقت الفعالية تفاعلًا واسعًا، حيث أشاد الحضور بالابتكار في عرض القهوة اليمنية، وما حملته من تزاوجٍ متناغم بين العراقة والتجديد، لتؤكد على دور الهوية الثقافية اليمنية في إثراء المشهد التعليمي الدولي.
وفي مدرسة "خطوات المستقبل" بكاجانج، كان للتراث اليمني حضورٌ بارز، حيث تألق ركن القهوة اليمنية وسط أجواء ثقافية نابضة بالحياة. حيث احتفلت المدرسة بفعالية ثقافية خصصت للتراث اليمني، وفيها تألق ركن "القهوة اليمنية" كنقطة محورية في الحدث، بمشاركة الطلبة اليمنيين وأولياء أمورهم، وبحضور القنصل اليمني في ماليزيا، الأستاذ صلاح الأحمدي. وسط عروض فلكلورية ووصلات غنائية عكست أصالة التراث، تهادت رائحة القهوة في الأجواء، مجسدةً ارتباط الإنسان اليمني بأرضه وهويته.
شهد الركن الثقافي عروضًا حية لطرق تحضير القهوة اليمنية، حيث قدم الطلبة شروحات حول تحميص الحبوب وتحضيرها، إلى جانب توزيع بروشورات توثق سردية القهوة اليمنية ودورها الاجتماعي عبر التاريخ. كما اعتمدت المدرسة "ثلاثية رشفات الغيوم" ضمن برامجها الثقافية، لترسيخ فهم أعمق للتراث اليمني لدى الجيل الجديد، في خطوة تسعى لتعزيز الهوية وربط الأجيال بجذورهم.
أما في المدرسة اليمنية بسيلانجور، فقد امتزج عبق القهوة بأجواء تراثية تهدف إلى تعزيز الارتباط بالهوية اليمنية، حيث امتزج عبق التراث برائحة البن الأصيل في أجواء ثقافية تهدف إلى ترسيخ الهوية اليمنية لدى الأجيال الناشئة. وفي الفعالية التي اقامتها المدرسة خصيصا ليوم القهوة اليمنية نوقشت قضايا مهمة تناولت دور القهوة كموروث ثقافي يعكس ارتباط الإنسان بأرضه، ورحلة القهوة من جبال اليمن إلى العالمية وأهميتها الاقتصادية والثقافية. تخلل الحفل جلسة تذوق للقهوة المحضّرة بطرقها التقليدية، وعروض البرع الفلكلورية، إضافةً إلى توزيع بروشورات تعريفية وثلاثية "رشفات الغيوم" لاعتمادها ضمن الأنشطة الثقافية للمدرسة.
وهكذا، تحوّلت المطاعم، والجامعات، والمدارس إلى مراكز ثقافية نابضة بالحياة احتفاءً بيوم القهوة اليمنية، حيث جمعت الفعاليات بين الطابع التراثي والتجربة التفاعلية، مما عزّز الوعي بإرث القهوة اليمنية، ونقل عبقها الأصيل إلى العالم.
الهوية الثقافية
مثلّت فعاليات يوم القهوة اليمنية 2025 خطوة نوعية في تعزيز الهوية الثقافية اليمنية عالميًا، حيث نجحت مؤسسة يمنيون الثقافية في تقديم اليمن كواجهة ثقافية غنية تعكس تاريخه العريق وتراثه الفريد. وأسهمت الفعاليات في تعزيز العلاقات الثقافية بين اليمن وماليزيا، إذ تعرّف الماليزيون والمقيمون والسياح على القهوة اليمنية عبر نقاط التذوق المجاني في الجامعات والمطاعم والمدارس، كما شاركت الجالية اليمنية بفاعلية، ما أتاح لهم فرصة التواصل مع جذورهم، وتعريف المجتمع المضيف بتاريخ القهوة اليمنية وميناء المخا (موكا) الذي نشر ثقافة القهوة عالميًا.
وأثبتت مؤسسة يمنيون الثقافية، إلى جانب شركائها، مجددًا دورها الرائد في تعزيز الحضور الثقافي اليمني، من خلال فعاليات مبتكرة تسلط الضوء على الإرث اليمني بجوانبه المختلفة، من الفنون والمأكولات، إلى التاريخ والتراث. وتعد فعالية يوم القهوة اليمنية إحدى مبادراتها الناجحة التي تسعى إلى ترسيخ الروابط الثقافية بين اليمن والعالم.
بختام الفعاليات، تكون ماليزيا قد شهدت فصلًا جديدًا من فصول التعريف بالثقافة اليمنية، ليس فقط عبر مذاق القهوة، بل أيضًا عبر الحكايات التاريخية التي تحملها كل رشفة من هذا المشروب الذي جعل اليمن جزءًا من ذاكرة العالم. هذه الفعاليات لم تكن مجرد احتفاء بالقهوة، بل رسالة ثقافية تؤكد أن اليمن، رغم التحديات، يبقى حاضرًا بتراثه وحضارته في كل بقاع الأرض.
الرؤية المستقبلية
ومع هذا النجاح، تتطلع مؤسسة يمنيون الثقافية إلى توسيع نطاق الفعالية في السنوات القادمة، لتشمل مدنًا وعواصم جديدة، مع إشراك شركاء دوليين في الترويج للقهوة اليمنية كمنتج ثقافي وتجاري عالمي. وتسعى المؤسسة إلى تطوير برامج دائمة لدعم القهوة اليمنية، عبر: إطلاق منصات رقمية تروي سردية القهوة اليمنية وتُبرز مكانتها التاريخية. وعقد شراكات مع قطاعات الضيافة العالمية لإدراج القهوة اليمنية ضمن قوائمها الدائمة. وتنفيذ مشاريع تعليمية وثقافية لتعريف الأجيال الجديدة بأهمية البن اليمني، من خلال إدراج محتوى ثقافي عن القهوة اليمنية في المناهج التعليمية للمدارس اليمنية بالخارج. وإنتاج محتوى مرئي وسردي يروي رحلة القهوة اليمنية من جبال اليمن إلى المقاهي العالمية.
وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية استراتيجية تسعى إلى تحويل "يوم القهوة اليمنية" إلى حدث ثقافي عالمي سنوي، يعزز مكانة اليمن كموطن للبن الأصيل، ويرسّخ الهُوية الثقافية اليمنية في المحافل الدولية، مما يفتح آفاقًا أوسع للقهوة اليمنية كتراثٍ حيّ يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل.